وعلم بذلك الأمير أبو العباس قبل أن يتسمى بالراضي بالله، فجاءني رسوله يأمرني أن أوجه إليه بالأسماء التي ينعت بها الخلفاء، وتكون أوصافاً لهم، وإني لأعجب من إطباق الناس على تسميتها ألقاباً فيقولون لقب بكذا وهذا عندي خطأ، كبير، زلل عظيم، لأن الألقاب مكروهة ومنهي عنها في كتاب الله جل وعلا، وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه جل وعز " وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَاب " فوجهت إليه برقعة فيها ثلاثون اسماً، ليختار منها ما يريد، وأشَرت عليه في رقعتي أن يختار منها المرتضى بالله، ولم أشك في اختياره له، وابتدأت من وقتي فعملت أَبياتاً ضادية قافيتها المرتضى، على أني أنشده إِياها وهي:
أَثْبَتُ الرَّحْمنُ بالسَّعْدِ المْضُي ... دَوْلَةً قَائِمَةً لاَ تَنْقْضِي
لأَبِي الْعَبَّاسِ عَفْواً سَاقَهَا قَدَرُ اللهِ الإِمَامِ الْمُرْتَضِي
دَوْلَةٌ يَأْملُهَا كُلُّ الْوَرَى ... مَالَهَا إِنْ ذُكِرَتْ مِنْ مُبْغِضِ
كَاَنَ وَجْهُ المُلْكِ مُسْوَدّاً فَقَدْ ... قَابَلَ اللَّحْظَ بِوَجْهٍ أَبْيَضِ
يَا أَمِينَ اللهِ يَا مَنْ جُودُهُ ... إِنْ كَبَا دَهْرِي بِحَظِّي مُنْهِضِي
غَلَبُ الْوَجْدِ وفِقْدَانُ الرِّضَي ... وكَلاَّ جِسْمِي بِهَمٍّ مُمْرِضِ