جمدى داره بمربعة أبي عبد الله، وأخذ جميع ما كان فيها، وسفر في الصلح بين توزون وناصر الدولة على أن يرجع إلى داره ويحمل ابن حمدان إليه فضلاً مما كان على أن الإمارة تكون لعبد الواحد ابن المتقي لله، فكان ناصر الدولة أسرع الناس إجابة وأشهاهم لتمامه. فكره أخوه وأصحابه ذلك، وكرهه الخليفة. فقال لهم ناصر الدولة أنتم تهربون ولا تقفون، ومالكم عندي رزق إن عزمتم على القتال إلا بعد أن أعرف أمركم، وإلا فانصرفوا إلى حيث شئتم، فحلفوا له أنهم يجتهدون ولا يقصرون.
وورد الخبر عل توزون أن ناصر الدولة، على أن يواقعه وقعة ثانية وكان توزون في وقت هرب الترجمان قد قبض على ختنه المعروف بحبة التركي وحبسه وكان شجاعاً، فتكلموا فيه وضمنه أبو عمران موسى بن سليمان اصبهلان، فأخرجه وخلع عليه ووصله وحمله على دواب كثيرة ووهب له بغالاً، وسفر أبو عبد الله محمد بن أبي موسى في الصلح وأحبه واجتهد فيه، وهو من الرجال الزمان ومن أهل الخير مع ذلك وكثرة الصدقة واصطناع المعروف، فتردد في الصلح وقرب الأمر على يده، ثم عارضه قوم فأفسدوا الأمر.
وصح عزم الخليفة وناصر الدولة على محاربة توزون ثانية فصار سيف الدولة في الجيش كله إلى تكريت، لأيام خلت من رجب وبلغ توزون خبرهم، فشخص إليهم في عدته، فلما صافتهم الحرب استأمن ارتمش التركي، وهو من أجل قواده، وكان غلاماً لسيف الدولة