دينار كلها لي ولعيالي، ما لأحد فيها شيء إلا لأبي الحسين بن القشوري فإن صاحباً له يعرف بابن الرايض كان معه سرج له فتركه في داري وكان يسكن عندي ليرجع فيأخذه، فنهب فوالله ما اكتسيت ولا عيالي إلى وقتنا هذا، وإني لفقير مذ ذاك لا رزق لي ولا اتصال بمن يصلني وينفعني، أتقوت أثمان دفاتري وثمن بستان لي كان عيشي وجنتي، كل ذلك بشؤم مجاورة الترجمان لي. فسبحان من أفقرني وأغنى غيري من جيرانه حتى اعتقد به العقد وبعت عقدتي، وملك أمواله وذهب مالي!.
وأعجب من هذا كله أني ظننته أنه سيترثى لي مما جرى علي إذا عرف أمري، فلما عاد إلى داره ناصبني العداوة، وأراد مني أن يملك ما يجاوره من دوري، ويتسع به وبعشر ثمنه، وأن يشتري بستاني بدوران وقد أعطيت به نحو عشرة آلاف درهم، فراسلني في ذلك مرات فقلت لأبي الحسين القشوري - ولم يكن معه من يشبهه دراية وفهماً - صاحبك هذا مجنون حين يعطيني هذا العطية. فقال لي: كذا قومه بعض جيرانك له. وزعم أنه أكثر ما أعطى به. قلت فلم لا تصدقه أنت؟ قال: الذي قال له ذاك أخص به مني، وآثر عنده. ولقد استدعى في أول ما جاورني مخالطتي وأن أنغمس في أموره فأبيت ذلك خوفاً من العواقب. ولقد كلفني غير مرة أن أشتري له أشياء وأكتبها باسمي أو اسم من أثق به لئلا يعلم أنه هو المشتري، فأبيت ذلك عليه منذ أيام بجكم، لما في مثل هذا من عاقبة السوء، ووجد غيري ممن يريد هذا ويتمناه ويتصنع له.