الليل، ويأمر بأيقاد النار وضرب الدبادب إلى أن يصبح. وكنا نسير في سفننا لصعوبة الطريق الفرسخين في اليوم وأقل وأكثر، وكنت أنا مع ابن حمدون في زورق وكان معه طيار ومعي سميرية بأربعة مجاذيف فغلط أصحاب السميريات ليلاً، فربطوا على بعد من العسكر وكبسهم القياقنة وأخذوا جميع ما كان في السميريات ولم يبق لي شيء كان في سميريتي إلا ذهب، ثم دخل بعد ذلك الماء إلى زورقنا حتى كاد يغوص وسقطنا إلى الماء، فمن الله علينا بأن رجالة كانوا معنا في الزورق وحملوني وحملوا ابن حمدون حتى صرنا إلى الشط وانتظرنا الطيار حتى جاءوا به وأخذ ما في الزورق ومد إلى الشط حتى أصلح وكان قد انتقب في عدة مواضع.

ووافى راغب خادم الراضي بالله من الثغر، وكان قد شهد الفداء إلى الموصل فوجه به الراضي فلقينا بين الحديثة والسن فسلمنا عليه وكانت معه دواب فحمل القاضي عليها لأن الراضي أمره بذلك وأراد أن يتقدم وصوله وتبعه من كان له مركوب، وبقينا نحن أياماً كثيرة إلى أن وصلنا إلى الموصل، ودخلنا إلى الراضي بعد عشرين يوماً من مفارقتنا إياه وكان في نفسي ما قاله الراضي حين أنشده قصيدتي الضادية وقت جلوسه: هذه حمتك رميت بها. وأردت أن أعمل قصيدة أشكو فيها غرقنا وما نالنا فقلت والله لأجعلنها ضادية ليعلم أن تلك لم تكن حمتي، وأنه قد بقيت لي قصيدة وأنا في الزورق مع ابن حمدون، نحو تلك القصيدة في الطول وهي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015