خالفني [1] ، فأتاه شراحيل مذعورا فقال: لا والله الّذي لا إله إلّا هو ما شربت اليوم لبنا ولا أرسلت به إليك، فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون، احتيل لك والله. قال: فو الله ما بات إبراهيم إلّا ليلته وأصبح ميتا. ولمّا مات إبراهيم جزع عليه عبد [2] الله بن عمر بن عبد العزيز جزعا شديدا فقال له مولى له: أتجزع على عدوّك وعدوّ أهل بيتك؟ قال: ويحك انّما أجزع على [195 ب] نفسي، إنّه سيسلك بي سبيله.
ويقال: إنّ مروان لمّا بلغه هزيمة ابن هبيرة دسّ إليه إناء فيه لبن مسموم فناوله السجّان فشربه، فلما وصل إلى بطنه وجد مسّ السمّ فعلم أنّه قد اغتيل، فقال للسجان: قد فعلتموها! وسأله أن يدخل عليه امرأته لبابة بنت محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ففعل، فقالت لبابة:
فبات يتضوّر ويتناول يدي فيضعها على فؤاده، ثم قضى من ليلته. فأرسل السجان إلى خليفة مروان فأعلمه وفاته، فأمر أن يغسّل ويحضر القاضي غسله، ففعل ذلك، وغسّلوه وعليه قيوده، فما حلّت إلّا بعد أن غسّل، سحلت حتى لطفت فأخرجت من رجليه. وكانت [3] وفاته في المحرم سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
وذكروا أن إبراهيم قدم به على مروان، وهو معسكر بسلمسين، فدفعه إلى ابنه عبد الله بن مروان، وهو عامله على الجزيرة فحبسه، فلمّا أراد مروان المسير إلى الزاب أمر بإبراهيم فجعل رأسه في جراب نورة، وغمّ عبد الله بن عمر بمرفقة جعلت على وجهه، فماتا.