مكانه حتى أتاه محمد بن نباتة فقال له: ما يقفك؟ قال [1] قد تقدم الناس فما ترى؟ قال: نلحق بالحوثرة بالكوفة ويجتمع الناس إليك فتقاتل والمصر في يدك. فقال طارق بن قدامة القشيري: ما الكوفة [183 ب] لكم بدار، خبرك يصبّحها بهزيمة أصحابك. قال: فما بقي إلّا واسط مدينتنا، وقد أعددنا لمثل ما رأيتم. فسار وهو لا يعلم مصاب قحطبة، فأصبح وقد كلّ وكلّ من معه، فنزل وصلّى وركب، فلمّا جاء سوق أسد [2] لقيه الخبر بظهور محمد بن خالد في السواد بالكوفة، وإطباق أهل الكوفة معه، وبلغه هلاك قحطبة، فعدل إلى فم النيل [3] ، وقد تسلل عنه كثير من أصحابه، فمنهم من لحق بمحمد بن خالد من أهل اليمن، ومنهم من عدل إلى فم النيل.
فانصرف الحوثرة يريد فم النيل، ووافى ابن هبيرة، فأقام بها معه حتى أتاهم دخول الهاشمية الكوفة وظهور أبي سلمة، فمضى إلى واسط، وكتب إلى مروان: إنّا التقينا نحن والمسوّدة على شاطئ الفرات ليلا فاقتتلنا قتالا شديدا نهزمهم حتى نردّهم إلى الفرات، ويكثرون علينا حتى يدفعوا أصحابنا، وتخاذل الناس فلم يبق معي إلّا عدة صبروا وكرموا، فشددنا عليهم شدّة صادقة رددناهم بها إلى الفرات، فعبروه إلى عسكرهم، وغرق قحطبة، ولمّا انهزم الناس عنّي مضيت في أهل الحفاظ إلى واسط إلى أن يجتمع الناس، ويراجعوا طاعتهم، ثم انهض بهم إلى الكوفة، وفي مقامي بواسط كسر لحدّهم عن أمير المؤمنين إن شاء الله. [184 أ] فلما قرأ مروان كتابه قال: