ألم تعلم بأنّ الحرب غول ... تقلّب في تصرّفها القلوب
وأنتم معشر [1] في [2] السلم حرب ... وسلم حين تستعر الحروب
فبلغنا أن ابن هبيرة كتب إليه:
[178 أ] قد فهمت كتاب أمير المؤمنين، وما جهلت بلاءه، ولا قصرت في نصيحته، ولا حدت عن جهة الحقّ وحزم الرأي، فإن أتت الأقدار بخلاف ما تهوى فإنّ تقدير الله فوق تقدير العباد. أمّا ما ذكر أمير المؤمنين من إبطائي عمن استصرخني بخراسان، فقد علم أمير المؤمنين أني صرت إلى العراق وهي حرب كلها، فكان أقوى ما يحضرني علاج ما قرب منّي، وكنت في ذلك قد شغلت جنود أهل الشام جميعا بالخوارج تارة، وبابن معاوية أخرى، وبسليمان بن حبيب أخرى، ولم أكن لأستعين بأهل العراق، وقد علم أمير المؤمنين ما هم عليه من غشّه وغشّ دولته فيما استصرخني فيه أهل خراسان، ولم آمن، إن فعلت، أن يظاهروا عدوّ أمير المؤمنين فيلزمني لائمته [3] في ذلك وتقصيره. وأمّا تأهبي للحصار فإنّي فعلت ذلك حين رأيت ما قدمت من القوة وقد وهنت، ورأيت من قاتل العدو وقد فشلوا وضعفت نيّاتهم في جهاد عدوّهم، فجعلت ذلك عدّة حزم إن اضطررت إليها حمدتها وإن استغنيت عنها لم أذمّها. وأمّا إغمادي السيف عن آل المهلّب فإنّي رأيتهم من اليمن بمكان فكرهت لذلك هيجهم، ولم آمن إن فعلت، أن ينابذني أهل العراق منهم ومن معي من أهل الشام، فتألّفتهم وتربّصت بهم. وأمّا إمساكي عن تأديب أهل الشام، وتركي