فسارا حتى نزلا عسكر شيبان بن سلمة الحروري الّذي كان رحل عنه، فبلغ ذلك شيبان فبعث إلى بسّام وفدا بما كان بينه وبين أبي مسلم من العقد، فقال بسّام: إنّا قدمنا سرخس مجتازين إلى هراة، ولسنا نريد قتال [158 أ] شيبان. وارتحل بسّام بمن معه يؤمّ هراة، فلما حاذى مدينة [1] سرخس عدل إليها، وخرج إليه شيبان في نحو من ثلاثة آلاف رجل، فالتقوا، فترجّل من كان مع شيبان، وبينه وبين بسّام نهر كثير الماء، فخاضه بسّام ومن معه، واقتتلوا قتالا شديدا، وقتل عامّة أصحاب شيبان وانهزم من بقي إلى المدينة، ولجئوا إلى المسجد، فقتل شيبان ومن بقي من أصحابه، وبعث برأس شيبان إلى أبي مسلم. وبلغ الخبر نصرا فاشتدّ جزعه وقال: اليوم استحكم الشرّ على مروان، وذلك أنّ أهل سرخس كانوا يدا واحدة على الهاشمية، فرثاهم رجل من بني حنيفة فقال:
ما بال عينك لا تنام وقد رأت ... حول المدينة من سرخس قبورا
ومصارعا لسراتنا قد قدّرت ... لا يستطيع لها النحيب نشورا [2]
والطير تحجل حول نضح دمائهم ... عقبا تعاقب كلّهنّ نسورا
قومي فقدتهم فزال لفقدهم ... جدّي، ولم يك قبل ذاك عثورا