فقال: يا ابن عباس أتدري ما منع الناس منكم؟ قال: ما أدري، قال:
كرهت قريش أن يولوكم هذا الأمر فتجخفون [1] على الناس جحفا، فنظرت قريش لأنفسها فاختارت فوفّقت فأصابت إن شاء الله.
فقال: يميط أمير المؤمنين عني الغضب ويسمع كلامي، فقال هات.
قال: أمّا قولك إنّ قريشا [8 ب] كرهت، فإنّ الله يقول: كَرِهُوا ما أَنْزَلَ الله فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ 47: 9 [2] ، وأمّا قولك: إنّها نظرت فاختارت، فإنّ الله نظر فاختار من خير خلقه، فإن كانت قريش نظرت من حيث نظر الله فقد أصابت. قال: فقال عمر: أبت قلوبكم يا بني هاشم [3] لنا إلّا غشا لا يزول، وحقدا لا يحول. قال: مهلا يا أمير المؤمنين، لا تنسب قلوب بني هاشم إلى الغشّ، فإنّ قلوب بني هاشم من قلب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا، وأمّا قولك: حقدا لا يحول، فكيف لا يحقد من غصب شيئه، ورآه في يد غيره. قال: فقال: يا بن عباس اخرج عني، فلما خرج ناداه فقال له:
أمّا إنّي على ما كان منك لحقّك لراع، فقال له: إنّ [4] لي عليك وعلى كلّ مؤمن حقا، فمن عرفه فقد أصاب ومن لم يعرفه فحظّه أخطأ. فقال عمر: للَّه درّ ابن عبّاس، والله ما رأيته لاحى رجلا قطّ إلّا خصمه [5] .