على نسا [1] فلقي من بها من الشيعة فأمرهم بالاستعداد، ثم أتى أبيورد فأمر من بها من الشيعة بمثل ذلك، ثم نفذ إلى مرو، وأهلها على ما كانوا عليه في خنادقهم على العصبية، فلقيته الشيعة وقد كثروا وأظهروا بعض كلامهم، ورغب كثير من الناس في دعوتهم، ورهبهم من [2] كان يخالف عليهم فأمرهم بالجدّ ثم قال لهم: تأهبوا وتهيّئوا إلى رأس الثلاثين ومائة، ولا تظهروا شيئا إلّا أن تضطروا، فإن اضطررتم فائتلفوا واجتمعوا، وادفعوا عن أنفسكم إلى الوقت الّذي وقّت لكم إن شاء الله. وانصرف، ووكل بالشيعة سليمان بن كثير، وبعث أبا مسلم إلى بلخ فلقي زياد بن صالح ومن بها من دعاته ثم انصرف إليه، فشخص أبو سلمة منصرفا إلى العراق، فقدم الكوفة وقد غلب عليها الضحاك بن قيس الحروري، ولم يلبث أن قدم عليه إبراهيم ابن سلمة رسولا لإبراهيم الإمام يأمره بالشخوص إليه فتهيّأ لذلك، ثم شخص ومعه أبو مسلم، وقد حمل مالا من خراسان فدفعه إلى إبراهيم.
وجعل أبو مسلم يتردد في إيصال المال، فازداد إبراهيم به إعجابا فقال:
يا أبا سلمة فتاك [129 ب] هذا قد أعجبني، فتجاف لنا عنه. فقال: نحن وما نملك لك، فشأنك به، ولقلّ من علم بعتقي له، وهو يصلح لما تريد في نيّته في مودتكم، وهو يعقل، فلقلّ شيء كنت أوجّهه فيه إلا رأيت منه ما أحب، وقد عرفته الشيعة وعرفهم [3] . قال: فقبله إبراهيم وأكرمه وألزمه خدمته أيام أبو سلمة مقيم عنده، وقال له: تغيّر اسمك، قال:
كنت أسمّى بعبد الرحمن وأكنى بأبي مسلم، قال: فذاك اسمك وكنيتك.