نفوس العلماء تسرح في مباح اللهو
فصل
فقد بان مما ذكرنا أن نفوس العلماء تسرح في مباح اللهو الذي يكسبها نشاطاً للجد فكأنها من الجد لم تزل، قال أبو فراس: الرجز:
أروح القلب ببعض الهزل ... تجاهلاً مني، بغير جهل
أمزح فيه، مزح أهل الفضل ... والمزح، أحياناً، جلاء العقل
فصل
فإن قائل قائل: ذكر حكايات الحمقى والمغفلين يوجب الضحك؛ وقد رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:: إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها أبعد من الثريا " فالجواب: إنه محمول على أنه يضحكهم بالكذب، وقد روي هذا في الحديث مفسراً: " ويل للذي يحدث الناس فيكذب ليضحك الناس ". وقد يجوز للإنسان أن يقصد إضحاك الشخص في بعض الأوقات، ففي أفراد مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لأكلمن رسول الله لعله يضحك، قال: قلت: لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر سألتني النفقة فوجأت عنقها. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإنما يكره للرجل أن يجعل عادته إضحاك الناس لأن الضحك لا يذم قليله، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يضحك حتى تبدو نواجذه، وإنه يكره كثيره لما روي عنه عليه السلام أنه قال: " كثرة الضحك تميت القلب ". والإرتياح إلى مثل هذه الأشياء في بعض الأوقات كالملح في القدر.