قال: قلت: من جبير؟ قال: قوله عز وجل: واسأل به جبيراً. قال: قلت له: يا غافل، زعمت أن القرآن أشغلك.
وعن أبي عبيدة قال: كنا نجلس إلى أبي عمرو بن العلاء فنخوض في فنون من العلم ورجل يجلس إلينا لا يتكلم حتى نقوم، فقلنا: إما أن يكون مجنوناً أو أعلم الناس! فقال يونس: أو خائف، سأظهر لكم أمره. فقال له: كيف علمك بكتاب الله تعالى؟ قال: عالم به، قال: ففي أي سورة هذه الآية: مجزوء البسيط:
الحمد الله لا شريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلما
فأطرق ساعة ثم قال: في حم الدخان.
وعن أبي عبد الله بن عرفة، أنه قال: اصطحب ناس فكانوا يتذاكرون الآداب والأخبار وسائر العلوم، وكان معهم شاب لا يخوض فيما يخوضون فيه سوى أنه كان يقول: رحم الله أبي ماكان يعدل بالقرآن وعلمه شيئاً، فكانوا يرون أنه أعلم الناس بالقرآن، فسأله بعضهم في أي سورة: الطويل:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... كما لاح مبيض من الصبح ساطع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالكافرين المضاجع
فقال: سبحان الله من لم يعرف هذا؟ هذا في " حم عسق "، فقالوا: ما قصر أبوك في أدبك، فقال لهم: أفكان يتغافل عني كتغافل آبائكم عنكم؟.
ونبأنا في هذا المعنى أن رجلاً قدم ابناً له إلى القاضي فقال: أصلح الله القاضي، إن هذا ابني يشرب الخمر ولا يصلي، فقال له القاضي: ما تقول يا غلام فيما حكاه أبوك عنك؟ قال: يقول غير الصحيح إني أصلي ولا أشر الخمر، فقال أبوه: أصلح الله القاضي أتكون صلاة بلا قراءة؟ فقال القاضي: يا غلام تقرأ شيئاً من القرآن؟ قال: نعم وأجيد القراءة، قال: اقرأ، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم: مجزوء الكامل:
علق القالب ربابا ... بعدما شابت وشابا
إن دين الله حق ... لا أرى فيه ارتيابا