مرض صديق لحامد بن العباس فأراد أن ينفذ ابنه إليه ليعوده فأوصاه وقال: يا بني إذا دخلت فاجلس في أرفع المواضع، وقل للمريض: ما تشكو؟ فإذا قال: كذا وكذا، فقل له: سليم إن شاء الله، وقل: من يجيئك من الأطباء، فإذا قال: فلان فقل: ميمون، وقل: ما غداؤك؟ فإذا قال: كذا وكذا فقل: طعام محمود. فذهب. فدخل على العليل وكان بين يده منارة، فجلس عليها لارتفاعها فوقعت على صدر العليل فأوجعته، ثم قال للمريض: ما تشكو؟ فقال: أشكو علة الموت، فقال: سليم إن شاء الله، فمن يجيئك من الأطباء؟ قال: ملك الموت، قال: مبارك ميمون، فما غداؤك؟ قال: سم الموت، قال: طعام طيب محمود.
تقدم رجل إلى معلم ابنه فسأله أن لا يعلمه سوى النحو والفقه، فعلمه مسألتين من النوعين: ضرب زيد عمراً ارتفع زيد بفعله وانتصب عمرو بوقوع الفعل عليه، والأخرى من الفقه رجل مات وخلف أبويه فلأمه الثلث ولأبيه الباقي فقال له: أفهمت؟ قال: نعم، فلما انصرف إلى البيت قال له أبوه: ما تقول في ضرب عبد الله زيداً؟ قال: أقول: ارتفع بفعله وما بقي للأب.
كان لبعض التجار المياسير ابن أبله، فقضي أن صار الأب إلى حانوته يوماً فوجد اللصوص قد أخذوا صندوقاً له كان فيه صامت كثير وأسباب جميلة، فجلس الرجل والناس يعزونه ويدعون له بالخلف، فبينما هم كذلك إذ أقبل ابنه، فلما قرب