فيجوز فيه الرفع والنصب والجزم، وأما الجزم فعلى العطف على قوله: يهلك ربيع الناس، والرفع على القطع والابتداء، والنصب بالصرف على إضمار إن، وكذلك كل معطوف بعد جواب الجزاء من الأفعال المستقبلة يجوز فيه هذه الثلاثة الأوجه، ومثله قوله (إن تبدوا ما في أنفسكم ألو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) . يجوز في " يعذب " الأوجه الثلاثة التي ذكرناها في قوله " أجَبِّ الظهر " يعني مقطوع الظهر. وهذا تمثيل وتشبيه. ويروى " أجَبَّ الظهرَ " بخفضها جميعا على إضافة أجب إلى الظهر، ويروى " اجَبَّ الظهرَ " بفتح أجب ونصب الظهر على إن يكون موضع أجب خفضا، ولكنه لا ينصرف. وينصب الظهر على التشبيه بالمفعول به ويضمر في أجب الفاعل كأنه قال أجب الظهر بالتنوين ثم منعه من التنوين لأنه لا يصرف، وهو في تقدير قولك " مررت برجل حسن الوجه، وكثير المال، وطيب العيش ".
ويروى " أجَبِّ الظهرُ " بفتح أجب على أنه في موضع خفض فرفع الظهر به كأنه قال " أجب ظهره " فأهل الكوفة يجعلون الألف واللام عقيب الإضافة، وأهل البصرة يضمرون ما يعلق الذكر بالأول، وتقديره عندهم: أجب الظهر منه.
أخبرنا ابن الأنباري قال حدثنا إدريس بن عبد الكريم أبو الحسن المعري قال حدثنا أبو الأحوص محمد بن حيان البغوي قال حدثنا الزمخي بن خالد عن ابن جريح عن قول الله عز وجل (أتبنون بكل ربع آية تعبثون) . قال: بزوجا.
أخبرنا الزجاج وابن الخياط عن الحسن بن الطيان عن ابن السكيت قال محمد بن عقيل وبلال بن جرير الربع: الجبل. وقال غيره من أصحاب اللغة: الربع: ما ارتفع من الأرض.
قال ابن الأنباري أخبرني أبي عن نصر بن داود عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال يقال: أخدجت الناقة: إذا ألقت ولدها ناقص الخلق، وإن كان لتمام وقت الحمل فهي مخدج: والولد مخدج. وخدجت الناقة: إذا ألقت ولدها قبل تمام وقت الخلق وان كان تام الخلق فهي خادج والولد خديج ومخدوج.
قال أبو الانباري وأخبرنا ثعلب عن سلمة عن الفراء قال، يقال: اخدجت وخدجت بعنى واحد: وحكى الكسائي وحده خدجت بكسر الدال، قال أبو القاسم: أصل الخداج: النقصان في الخلق كان أو في العدة ولكن فرق بينهما لاختلاف الموضعين، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج) . أي ذات خداج، والخداج: النقصان، ومنه قول علي رضى الله عنه في ذي الثدية " أنه مُخْدج اليد والعلماء يقولون: الثدي مذكرا، وإنما قيل ذو الثديه بالهاء لأنه ذهب إلى معنى اللحمة والزيادة. وبعضهم يقول: ذو اليدية بالياء يجعلها تصغير اليد.
أخبرنا الأخفش عن ثعلب عن عمر بن شبة عن مخارق أبي المهنا، قال: دخلت على أبي العتاهية في مرضته التي مات فيها، فلما رآني هش لي وقال: ادن مني بأبي أنت وأمي فدنوت منه وقلت له: ما تحب؟ قال: احب إن اسمع منك: الخفيف.
احمد قال لي ولم يدر ما بي ... أتحب الغداة عتبة حقا
فتنفست ثم قلت نعم حبا ... جرى في العروق عرقا فعرقا
لو تبينت ما يجن فؤادي ... لرأيت الفؤاد قرحا تفقا
ليتني مت فاسترحت من الح ... ب فإني ما عشت منه ملقى
قال: فغنيته، فقال: أراني كأني قد حييت، واستعاده دفعات فأعدته عليه. فقال: انصرف راشدا واتني في غد فان لم أرك مت. فلم يزل ذلك دأبه إلى اليوم الرابع فشغلت عنه فمات في ذلك اليوم.
أخبرنا الأخفش قال أخبرنا المبرد قال حدثت من غير وجه أنه اجتمع أبو نوأس وأبو العتاهية وأبو الشيص والحسين الخليع في مجلس فقال لهم أبو نواس: يا اخوتي إن لهذا المجلس ما بعده وسيذكر اجتماعنا فلينشد كل واحد منا احسن ما قال. قالوا: افعلوا ولا تمنوا على تقديم أبي العتاهية لسنه فأنشأ يقول: السريع يا إخوتي إن الهوى قاتلي فيسروا الأكفان من عاجل
ولا تلوموا في اتباع الهوى ... فإنني في شغل شاغل
أمسي فؤادي عند خمصانة ... ذات وشاح قلق جائل
كأنها من حسنها درة ... أخرجها البحر إلى الساحل
لم يبق مني حبها ماخلا ... حشاشة في بدن ناحل
يحسبني الناس صحيحا ولا ... يدرون بالمستبطن الداخل