قال أبو القاسم: المسألة مبنية على الفساد للمغالطة. فأما جواب الكسائي فغير مرضي عند أحد، وجواب اليزيدي غير جائز عندنا لأنه اضمر أن وأعلمهما، وليس من قوتها أن تضمر فتعمل. فأما تكريرها فجائز، قد جاء في القرآن قال الله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا أن الله يفصل له بينهم) . فجعل أن الثانية مع اسمها وخبرها خبرا عن الأولى. وقال الشاعر: البسيط
إن الخليفة إن الله سربله ... سربال ملك به ترجى الخواتيم
والصواب عندنا في المسألة أن يقال: أن من خير القوم وأفضلهم أو أو خيرهم البتة زيد، فيضمر اسم أن فيها ويستأنف ما بعدها. وذكر سيبويه: البتة مصدر لم تستعمله العرب إلا بالألف واللام وإن حذفهما منه خطأ.
اخبرنا الزجاج قال اخبرنا المبرد قال حد ث المدائني عن العجلاني عن إسماعيل بن يسار قال: مات ابن لأرطاة بن سهية المرى فلزم قبره حولا يأتيه بالغداة فيقف عليه فيقول: أي عمرو هل أنت رائح معي أن أقمت عندك إلى العشي، ثم يأتيه بالمساء فيقول مثل ذلك، فلما كان بعد الحول أنشأ يقول: الطويل
إلى إلحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
ثم أنصرف عن قبره وأنشأ يقول: الطويل
وقفت على قبر ليلى فلم يكن ... وقوفي عليه غير مبكي وجزع
هل أنت ابن ليلى إن نظرتك رائج ... مع الركب أوغاد غدا تئذ معي
فلو كان لبي حاضري ما أصابني ... سهو على قبر بأكناف أجرع
فما كنت إلا والها بعد فقدها ... على فقدها إثر الحنين المرجع
إذا لم تجده تنصرف لطياتها ... من الأرض أو تأتي لألف فترتعي
على الدهر فاعتب انه غير معتبوفي غير من قد وارت الأرض فاطمع اخبرنا الأخفش قال أخبرنا المبرد عن المازني عن الأصمعي قال:
كان خلف إذا آوى إلى فراشه لا يضطجع حتى ينشد: البسيط
لا يبرح المرء يستقرى مضاجعه ... حتى يبيت بأقصاهن مضطجعا
وليس ينفك يستصفي مشاربه ... حتى يجرع من رنق البلا جرعا
فامنع جفونك طول الليل رقدتها ... واقرع حشاك لذيذ الري والشبعا
واستشعر البر والتقوى تعد بها ... حتى تنال بهن الفوز والرفعا
اخبرنا ابن الأنباري قال أخبرني الختلي عن الأصمعي قال الخليل: نظرت في علم النجوم فهجمت منه على ما لزمني تركه. وأنشأ يقول: الخفيف
بلغا عني المنجم أني ... كافر بالذي قضته الكواكب
عالم أن ما يكون وما كا ... ن قضاء من المهيمن واجب
قال أبو القاسم: المهيمن: الأمين، ويقول أهل اللغة إن الهاء فيه بدل من الهمزة، وينشد للعباس بن عبد المطلب بمدح النبي صلى الله عليه وسلم: المنسرح
من قبلها طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر ... أنت ولا مضغة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد ... ألجم نسرا وأهله الغرق
تنقل من صالب إلى رحم ... إذا مضى عالم بدا طبق
حتى احتوى بيتك المهيمن من ... خندف علياء تحتها النطف
وأنت لما ولدت أشرقت الأر ... ض وضاءت بنورك الأفق
ونحن في ذلك الضياء وفي ... سبل الهدى والرشاد نخترق
أنشدنا الأخفش عن ثعلب: الكامل
وعلى قدام حملت شكة حازم ... في الروع ليس فؤاده بمثقل
أما إذا استقبلتها فتخالها ... كالجذع شذ به نقي المنجل
أما إذا استعرضتها فمطارة ... تنفي سنابكها رصيص الجندل
ما إذا استدبرتها فنبيلة ... نهد مكان حزامها والمركل
وإذا وصفت وصفت جوز جرادة ... وإذا ملكت عنانها لم تفشل
وكان حيري المزاد مؤكرا ... يعلى به كفل شديد الموصل
فاعتامهها بصري لعلمي أنها ... عدوا ستقبل في الرعيل الأول