يا عمر (?)

وأي ثناء يزيد على هذا ولكنه صلى الله عليه وسلم قال عن صدق وبصيرة وكانوا رضي الله عنهم أجل رتبة من أن يورثهم ذلك كبراً وعجباً وفتوراً بل مدح الرجل نفسه قبيح لما فيه من الكبر والتفاخر إذا قال صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم ولا فخر (?)

أي لست أقول هذا تفاخراً كما يقصد الناس بالثناء على أنفسهم وذلك لأن افتخاره صلى الله عليه وسلم كان بالله وبالقرب من الله لا بولد آدم وتقدمه عليهم كما أن المقبول عند الملك قبولاً عظيماً إنما يفتخر بقبوله إياه وبه يفرح لا بتقدمه على بعض رعاياه وبتفصيل هذه الآفات تقدر على الجمع بين ذم المدح وبين الحث عليه قال صلى الله عليه وسلم وجبت (?)

لما أثنوا على بعض الموتى وقال مجاهد إن لبني آدم جلساء من الملائكة فإذا ذكر الرجل المسلم أخاه المسلم بخير قالت الملائكة ولك بمثله وإذا ذكره بسوء قالت الملائكة يا ابن آدم المستور عورتك أربع على نفسك واحمد الله الذي ستر عورتك فهذه آفات المدح

بيان ما على الممدوح

اعلم أن على الْمَمْدُوحِ أَنْ يَكُونَ شَدِيدَ الِاحْتِرَازِ عَنْ آفَةِ الكبر والعجب وآفة الفتور ولا ينجو منه إلا بأن يعرف نفسه ويتأمل ما في خطر الخاتمة ودقائق الرياء وآفات الأعمال فإنه يعرف من نفسه ما لا يعرفه المادح ولو انْكَشَفَ لَهُ جَمِيعُ أَسْرَارِهِ وَمَا يَجْرِي عَلَى خواطره لكف المادح عن مدحه وعليه أن يظهر كراهة المدح بإذلال المادح

قال صلى الله عليه وسلم احثوا التراب في وجوه المادحين (?)

وقال سفيان بن عيينة لا يضر المدح من عرف نفسه وأثنى على رجل من الصالحين فقال اللهم إن هؤلاء لا يعرفوني وأنت تعرفني وقال آخر لما أثنى عليه اللهم إن عبدك هذا تقرب إلي بمقتك وأنا أشهدك على مقته وقال علي رضي الله عنه لما أثنى عليه اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا لَا يَعْلَمُونَ وَلَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ وَاجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ وأثنى رجل على عمر رضي الله عنه فقال أتهلكني وتهلك نفسك وأثنى رجل على علي كرم الله وجهه في وجهه وكان قد بلغه أنه يقع فيه فقال أنا دون ما قلت وفوق ما في نفسك الآفة التاسعة عشر

الغفلة عن دقائق الخطأ في فحوى الكلام لا سيما فيما يتعلق بالله وصفاته ويرتبط بأمور الدين فلا يقدر على تقويم اللفظ في أمور الدين إلا العلماء الفصحاء فمن قصر في علم أو فصاحة لم يخل كلامه عن الزلل لكن الله تعالى يعفو عنه لجهله

مثاله ما قال حذيفة قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ (?) وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي الْعَطْفِ الْمُطْلَقِ تَشْرِيكًا وَتَسْوِيَةً وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الاحترام وقال ابن عباس رضي الله عنهما جاء رجل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكلمه في بعض الأمر فقال ما شاء الله وشئت فقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015