المغتاب قال صلى الله عليه وسلم المستمع أحد المغتابين (?)
وقد روي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أن أحدهما قال لصاحبه إن فلاناً لنئوم ثم إنهما طلبا أدماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأكلا به الخبز فقال صلى الله عليه وسلم قد ائتدمتما فقالا ما نعلمه قال بلى إنكما أكلتما من لحم أخيكما (?) فانظر كيف جمعهما وكان القائل أحدهما والآخر مستمعاً وقال للرجلين اللذين قال أحدهما أقعص الرجل كما يقعص الكلب انهشا من هذه الجيفة (?) فجمع بينهما فالمستمع لا يخرج من إثم الغيبة إِلَّا أَنْ يُنْكِرَ بِلِسَانِهِ أَوْ بِقَلْبِهِ إِنْ خاف وإن قدر على القيام أو قطع الكلام بكلام آخر فلم يفعل لزمه وإن قال بلسانه اسكت وهو مشته لذلك بقلبه فذلك نفاق ولا يخرجه من الإثم ما لم يكرهه بقلبه ولا يكفي في ذلك أن يشير باليد أي اسكت أو يشير بحاجبه وجبينه فإن ذلك استحقار للمذكور بل ينبغي أن يعظم ذلك فيذب عنه صريحاً وقال صلى الله عليه وسلم مَنْ أُذِلَّ عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى نَصْرِهِ أَذَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ على رؤوس الخلائق (?) وقال أبو الدرداء قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِالْغَيْبِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَرُدَّ عَنْ عِرْضِهِ يوم القيامة (?) وقال أيضاً من ذب عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِالْغَيْبِ كَانَ حَقًّا عَلَى الله أن يعتقه من النار (?)
وقد ورد في نصرة المسلم في الغيبة وفي فضل ذلك أخبار كثيرة أوردناها في كتاب آداب الصحبة وحقوق المسلمين فلا نطول بإعادتها
بيان الأسباب الباعثة على الغيبة
اعلم أن البواعث على الغيبة كثيرة ولكن يجمعها أحد عشر سبباً ثمانية منها تطرد في حق العامة وثلاثة تختص بأهل الدين والخاصة
أما الثمانية فالأول أن يشفى الغيظ وَذَلِكَ إِذَا جَرَى سَبَبٌ غَضِبَ بِهِ عَلَيْهِ فإنه إذا هاج غضبه يشتفى بذكر مساوية فيسبق اللِّسَانُ إِلَيْهِ بِالطَّبْعِ إِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ دِينٌ وَازِعٌ وَقَدْ يَمْتَنِعُ تَشَفِّي الْغَيْظِ عِنْدَ الغضب فيحتقن الغضب فِي الْبَاطِنِ فَيَصِيرُ حِقْدًا ثَابِتًا فَيَكُونُ سَبَبًا دائماً لذكر المساوي فَالْحِقْدُ وَالْغَضَبُ مِنَ الْبَوَاعِثِ الْعَظِيمَةِ عَلَى الْغِيبَةِ
الثاني موافقة الأقران ومجاملة الرُّفَقَاءِ وَمُسَاعَدَتُهُمْ عَلَى الْكَلَامِ فَإِنَّهُمْ إِذَا كَانُوا يَتَفَكَّهُونَ بِذِكْرِ الْأَعْرَاضِ فَيَرَى أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ أَوْ قَطَعَ الْمَجْلِسَ اسْتَثْقَلُوهُ وَنَفَرُوا عَنْهُ فيساعدهم ويرى ذلك من حسن المعاشرة ويظن أنه مجاملة في الصحبة وقد يغضب رفقاؤه فيحتاج إِلَى أَنْ يَغْضَبَ لِغَضَبِهِمْ إِظْهَارًا لِلْمُسَاهَمَةِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ فَيَخُوضُ مَعَهُمْ فِي ذِكْرِ الْعُيُوبِ والمساوي
الثالث أن يستشعر من إنسان أنه سيقصده ويطول لسانه عليه أو يقبح حاله عند محتشم أو يشهد عليه بشهادة