لا يغضب
وكذلك قال الله تعالى والكاظمين الغيظ ولم يقل والفاقدين الغيظ وهذا لأن العادة لا تنتهي إلى أن يجرح الإنسان فلا يتألم بل تنتهي إلى أن يصبر عليه ويحتمل وكما أن التألم بالجرح مقتضى طبع البدن فالتألم بأسباب الغضب طبع القلب ولا يمكن قلعه ولكن ضبطه وكظمه والعمل بخلاف مقتضاه فإنه يقتضي التشفي والانتقام والمكافأة وترك العمل بمقتضاه ممكن وقد قال الشاعر
ولست بمستبق أخاً لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب
قال أبو سليمان الداراني لأحمد بن أبي الحواري إذا واخيت أحداً في هذا الزمان فلا تعاتبه على ما تكرهه فإنك لا تأمن من أن ترى في جوابك ما هو شر من الأول قال فجربته فوجدته كذلك
وقال بعضهم الصبر على مضض الأخ خير من معاتبته والمعاتبة خير من القطيعة والقطيعة خير من الوقيعة
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي الْبَغْضَةِ عِنْدَ الوقيعة
قال الله تَعَالَى {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الذين عاديتم منهم مودة} وقال عليه السلام أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما (?)
وَقَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفًا وَلَا بُغْضُكَ تَلَفًا وَهُوَ أَنْ تحب تلف صاحبك مع هلاكك الحق السادس
الدعاء للأخ في حياته وبعد مماته بِكُلِّ مَا يُحِبُّهُ لِنَفْسِهِ وَلِأَهْلِهِ وَكُلِّ مُتَعَلِّقٍ به فتدعو له كما تدعو لنفسك ولا تفرق بين نفسك وبينه فإن دعاءك له دعاء لنفسك على التحقيق فقد قال صلى الله عليه وسلم إِذَا دَعَا الرَّجُلُ لِأَخِيهِ فِي ظَهْرِ الْغَيْبِ قال الملك ولك مثل ذلك (?)
وفي لفظ آخر يقول الله تعالى بك أبداً يا عبدي (?)
وفي الحديث يستجاب للرجل في أخيه ما لا يستجاب له في نفسه (?)
وفي الحديث دعوة الرجل لأخته فِي ظَهْرِ الْغَيْبِ لَا تُرَدُّ (?)
وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ إِنِّي لَأَدْعُو لِسَبْعِينَ مِنْ إِخْوَانِي فِي سُجُودِي أُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ
وَكَانَ محمد بن يوسف الأصفهاني يَقُولُ وَأَيْنَ مِثْلُ الْأَخِ الصَّالِحِ أَهْلُكَ يَقْتَسِمُونَ مِيرَاثَكَ وَيَتَنَعَّمُونَ بِمَا خَلَّفْتَ وَهُوَ منفرد بحزنك مهتم مما قَدَّمْتَ وَمَا صِرْتَ إِلَيْهِ يَدْعُو لَكَ فِي ظلمة الليل وأنت تحت أطباق الثرى وكان الأخ الصالح يقتدي بالملائكة إذ جاء في الخبر إذا مات العبد قال الناس ما خلفت وقال الملائكة ما قدم (?)
يفرحون له بما قدم ويسألون عنه ويشفقون عليه ويقال من بلغه موت أخيه فترحم عليه وأستغفر له كتب له كأنه شهد جنازته وصلى عليه
وروي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال مثل الميت في قبره مثل الغريق يتعلق بكل شيء ينتظر دعوة من ولد أو والد أو أخ أو قريب (?)
وأنه ليدخل على قبور الأموات من دعاء الأحياء من الأنوار مثل الجبال
وقال بَعْضِ السَّلَفِ الدُّعَاءُ لِلْأَمْوَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْهَدَايَا لِلْأَحْيَاءِ فيدخل الملك على الميت ومعه طبق من نور عليه منديل من نور فيقول هذه