وسئل عن الحج المبرور فقال إطعام الطعام وطيب الكلام (?)
وقال أنس رضي الله عنه كل بيت لا يدخله ضيف لا تدخله الملائكة
والأخبار الواردة في فضل الضيافة والإطعام لا تحصى فلنذكر آدابها
أَمَّا الدَّعْوَةُ فَيَنْبَغِي لِلدَّاعِي أَنْ يَعْمِدَ بِدَعْوَتِهِ الْأَتْقِيَاءَ دُونَ الْفُسَّاقِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أكل طعامك الأبرار (?)
في دعائه لبعض من دعا له وقال صلى الله عليه وسلم لَا تَأْكُلْ إِلَّا طَعَامَ تَقِيٍّ وَلَا يَأْكُلْ طعامك إلا تقي (?)
ويقصد الفقراء دون الأغنياء على الخصوص
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرُّ الطَّعَامِ طعام الوليمة يدعى إليها الأغنياء دون الْفُقَرَاءُ (?)
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُهْمِلَ أَقَارِبَهُ فِي ضِيَافَتِهِ فَإِنَّ إِهْمَالَهُمْ إِيحَاشٌ وَقَطْعُ رَحِمٍ وَكَذَلِكَ يُرَاعِي التَّرْتِيبَ فِي أَصْدِقَائِهِ وَمَعَارِفِهِ فَإِنَّ فِي تَخْصِيصِ الْبَعْضِ إِيحَاشًا لِقُلُوبِ الْبَاقِينَ
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْصِدَ بِدَعْوَتِهِ الْمُبَاهَاةَ وَالتَّفَاخُرَ بَلِ اسْتِمَالَةَ قلوب الإخوان والتسنن بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إطعام الطعام وَإِدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْعُوَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ وَإِذَا حَضَرَ تَأَذَّى بِالْحَاضِرِينَ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَدْعُوَ إِلَّا مَنْ يحب إجابته قال سفيان من دعا أحدا إلى طعام وهو يكره الإجابة فعليه خطيئة فإن أجاب المدعو فعليه خطيئتان
لأنه حمله على الأكل مع كراهة ولو علم ذلك لما كان يأكله
وإطعام التقي إعانة على الطاعة وإطعام الفاسق تقوية على الفسق
قال رجل خياط لابن المبارك أنا أخيط ثياب السلاطين فهل تخاف أن أكون من أعوان الظلمة قال لا إنما أعوان الظلمة من يبيع منك الخيط والإبرة أما أنت فمن الظلمة نفسهم
وَأَمَّا الْإِجَابَةُ فَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقَدْ قِيلَ بوجوبها في بعض المواضع
قال صلى الله عليه وسلم لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت (?)
وللإجابة خَمْسَةُ آدَابٍ
الْأَوَّلُ أَنْ لَا يُمَيِّزَ الْغَنِيَّ بِالْإِجَابَةِ عَنِ الْفَقِيرِ فَذَلِكَ هُوَ التَّكَبُّرُ الْمَنْهِيُّ عنه ولأجل ذلك امتنع بعضهم عن أصل الإجابة وقال انْتِظَارُ الْمَرَقَةِ ذُلٌّ وَقَالَ آخَرُ إِذَا وُضِعَتْ يَدِي فِي قَصْعَةِ غَيْرِي فَقَدْ ذَلَّتْ لَهُ رقبتي ومن المتكبرين من يجيب الأغنياء دون الفقراء وهو خلاف السنة
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجيب دعوة العبد ودعوة المسكين (?)
ومر الحسن بن علي رضي الله عنهما بقوم من المساكين الذين يسألون الناس على الطريق وقد نشروا كسراً على الأرض في الرمل وهم يأكلون وهو على بغلته فسلم عليهم فقالوا له هلم إلى الغداء يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم إن الله لا يحب المستكبرين فنزل وقعد معهم على الأرض وأكل ثم سلم عليهم وركب وقال قد أجبتكم فأجيبوني قالوا نعم فوعدهم وقتاً معلوماً فحضروا فقدم إليهم فاخر الطعام وجلس يأكل معهم
وأما قول القائل إن من وضعت يدي في قصعته فقد ذلت له رقبتي فقد قال بعضهم هذا خلاف السنة وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ ذُلٌّ إِذَا كَانَ الدَّاعِي لا يفرح بالإجابة ولا يتقلد مِنَّةً وَكَانَ يَرَى ذَلِكَ يَدًا لَهُ عَلَى الْمَدْعُوِّ
وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْضُرُ لِعِلْمِهِ أَنَّ الدَّاعِيَ لَهُ يَتَقَلَّدُ مِنَّةً وَيَرَى ذَلِكَ شَرَفًا وَذُخْرًا لِنَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَهَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَالِ فَمَنْ ظن به أنه يستثقل الإطعام وإنما يَفْعَلُ ذَلِكَ مُبَاهَاةً أَوْ تَكَلُّفًا فَلَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ إِجَابَتُهُ (?)
بَلِ الْأَوْلَى التَّعَلُّلُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ
لَا تُجِبْ إِلَّا دَعْوَةَ مَنْ يرى أنك أكلت رزقك وأنه