بيان أوراد الليل وهي خمسة

الأول إذا غربت الشمس صلى المغرب واشتغل بإحياء ما بين العشاءين فآخر هذا الورد عند غيبوبة الشفق أعني الحمرة التي بغيبوبتها يدخل وقت العتمة وقد أقسم الله تعالى به فقال {فلا أقسم بالشفق} والصلاة فيه هي ناشئة الليل لأنه أول نشوء ساعاته وهو آن من الآناء المذكورة في قوله تعالى {ومن آناء الليل فسبح} وهي صلاة الأوابين وهي المراد بقوله تعالى {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} روي ذلك عن الحسن وأسنده ابن أبي زياد إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سئل عن هذه الآية فقال صلى الله عليه وسلم الصلاة بين العشاءين ثم قال صلى الله عليه وسلم عليكم بالصلاة بين العشاءين فإنها تذهب بملاغات النهار وتهذب آخره (?) والملاغات جمع ملغاة من اللغو وسئل أنس رحمه الله عمن ينام بين العشاءين فقال لا تفعل فإنها الساعة المعنية بقوله تعالى {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} وسيأتي فضل إحياء ما بين العشاءين في الباب الثاني وترتيب هذا الورد أن يصلي بعد المغرب ركعتين أولاً يقرأ فيهما قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد ويصليهما عقيب المغرب من غير تخلل كلام ولا شغل ثم يصلي أربعاً يطيلها ثم يصلي إلى غيبوبة الشفق ما تيسر له وإن كان المسجد قريباً من المنزل فلا بأس أن يصليها في بيته إن لم يكن عزمه العكوف في المسجد وإن عزم على العكوف في انتظار العتمة فهو الأفضل إذا كان آمناً من التصنع والرياء

والورد الثاني يدخل بدخول وقت العشاء الآخرة إلى حد نومة الناس وهو أول استحكام الظلام وقد أقسم الله تعالى به إذ قال {والليل وما وسق} أي وما جمع من ظلمته وقال {إلى غسق الليل} فهناك يغسق الليل وتستوسق ظلمته وترتيب هذا الورد بمراءة ثلاثة أمور الأول أن يصلي سوى فرض العشاء عشر ركعات أربعاً قبل الفرض إحياء لما بين الأذانين وستاً بعد الفرض ركعتين ثم أربعاً ويقرأ فيها من القرآن الآيات المخصوصة كآخر البقرة وآية الكرسي وأول الحديد وآخر الحشر وغيرها والثاني أن يصلي ثلاث عشرة ركعة آخرهن الوتر فإنه أكثر مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صلى بها من الليل (?) والأكياس يأخذون أوقاتهم من أول الليل والأقوياء من آخره والحزم التقديم فإنه ربما لا يستيقظ أو يثقل عليه القيام إلا إذا صار ذلك عادة له فآخر الليل أفضل ثم ليقرأ في هذه الصلاة قدر ثلثمائة آية من السور المخصوصة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر قراءتها مثل يس وسجدة لقمان وسورة الدخان وتبارك الملك والزمر والواقعة (?) فإن لم يصل فلا يدع قراءة هذه السور أو بعضها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015