إلا بالله يقول الله سبحانه صدق عبدي لا حول ولا قوة إلا بي ومن قالهن عند الموت لم تمسه النار (?) وروى مصعب بن سعد عن أبيه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة فقيل كيف ذلك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم يسبح الله مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة ويحط عنه ألف سيئة (?) وقال صلى الله عليه وسلم يا عبد الله بن قيس أو يا أبا موسى أولا أدلك على كنز من كنوز الجنة قال بلى قال قل لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (?) وَفِي رواية أخرى ألا أعلمك كلمة من كنز تحت العرش لا حول ولا قوة إلا بالله وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ألا أدلك على عمل من كنوز الجنة من تحت العرش قول لا حول ولا قوة إلا بالله يقول الله تعالى أسلم عبدي واستسلم (?) قال صلى الله عليه وسلم من قال حين يصبح رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبالقرآن إماماً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً رسولاً كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة (?) وفي رواية من قال ذلك رضي الله عنه وقال مجاهد إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله قال الملك هديت فإذا قال توكلت على الله قال الملك كفيت وإذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله قال الملك وقيت فتتفرق عنه الشياطين فيقولون ما تريدون من رجل قد هدي وكفي ووقي لا سبيل لكم إليه

فإن قلت فما بَالُ ذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مَعَ خِفَّتِهِ عَلَى اللِّسَانِ وَقِلَّةِ التَّعَبِ فِيهِ صَارَ أَفْضَلَ وَأَنْفَعَ من جملة العبادات مع كثرة المشقات فِيهَا فَاعْلَمْ أَنَّ تَحْقِيقَ هَذَا لَا يَلِيقُ إِلَّا بِعِلْمِ الْمُكَاشَفَةِ

وَالْقَدْرُ الَّذِي يُسْمَحُ بِذِكْرِهِ فِي عِلْمِ الْمُعَامَلَةِ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ النَّافِعَ هُوَ الذِّكْرُ عَلَى الدَّوَامِ مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ فَأَمَّا الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبُ لَاهٍ فَهُوَ قَلِيلُ الْجَدْوَى

وفي الأخبار ما يدل عليه أيضاً (?) وحضور القلب في لحظة بالذكر والذهول عن الله عز وجل مع الاشتغال بالدنيا أيضاً قَلِيلُ الْجَدْوَى بَلْ حُضُورُ الْقَلْبِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الدَّوَامِ أَوْ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ هُوَ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْعِبَادَاتِ بَلْ بِهِ تَشْرُفُ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ وَهُوَ غَايَةُ ثَمَرَةِ الْعِبَادَاتِ الْعَمَلِيَّةِ

وَلِلذِّكْرِ أَوَّلُ وَآخِرُ فَأَوَّلُهُ يُوجِبُ الْأُنْسَ وَالْحُبَّ لله وَآخِرُهُ يُوجِبُ الْأُنْسَ وَالْحُبَّ وَيَصْدُرُ عَنْهُ وَالْمَطْلُوبُ ذلك الأنس والحب فإن المريد في بداية أمره قد يكون متكلفاً بصرف قلبه ولسانه عن الوسواس إلى ذكر الله عز وجل فإن وفق للمداومة أنس به وانغرس في قلبه حب المذكور ولا ينبغي أن يتعجب من هذا فإن من المشاهد في العادات أن تذكر غائباً غير مشاهد بين يدي شخص وتكرر ذكر خصاله عنده فيحبه وقد يعشق بالوصف وكثرة الذكر ثم إذا عشق بكثرة الذكر المتكلف أولاً صار مضطراً إلى كثرة الذكر آخراً بحيث لا يصبر عنه فإن من أحب شيئاً أكثر من ذكره

ومن أكثر من ذكر شيء وإن كان تكلفاً أحبه فكذلك أول الذكر متكلف إلى أن يثمر الأنس بالمذكور والحب له ثم يمتنع الصبر عنه آخراً فيصير الموجب موجبا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015