لا يستكمل العبد الإيمان حتى تكون قلة الشيء أحب إليه من كثرته وحتى يكون أن لا يعرف أحب من أن يعرف (?) وقد قال عليه السلام ثلاث من كن فيه استكمل إيمانه لا يخاف في الله لومة لائم ولا يرائي بشيء من عمله وإذا عرض عليه أمران أحدهما للدنيا والآخر للآخرة آثر أمر الآخرة على الدنيا (?) وقال عليه السلام لا يكمل إيمان عبد حتى يكون فيه ثلاث خصال إذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق وإذا رضاه لم يدخله رضاء في باطل وإذا قدر لم يتناول ما ليس له (?) وفي حديث آخر ثلاث من أوتيهن فقد أوتي مثل ما أوتي آل داود العدل في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفقر وخشية الله في السر والعلانية (?) فهذه شروط ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأولى الإيمان فالعجب ممن يدعي علم الدين ولا يصادف في نفسه ذرة من هذه الشروط ثم يكون نصيبه من علمه وعقله أن يجحد مالا يكون إلا بعد مجاوزة مقامات عظيمة علية وراء الإيمان وفي الأخبار أن الله تعالى أوحى إلى بعض أنبيائه إنما اتخذ لخلتي من لا يفتر عن ذكري ولا يكون له هم غيري ولا يؤثر علي شيئاً من خلقي وإن حرق بالنار لم يجد لحرق النار وجعاً وإن قطع بالمناشير لم يجد لمس الحديد ألماً

فمن لم يبلغ إلى أن يغلبه الحب إلى هذا الحد فمن أين يعرف ما وراء الحب من الكرامات والمكاشفات وكل ذلك وراء الحب والحب وراء كمال الإيمان ومقامات الإيمان وتفاوته في الزيادة والنقصان لا حصر له

ولذلك قال عليه السلام للصديق رضي الله تعالى عنه إن الله تعالى قد أعطاك مثل إيمان كل من آمن بي من أمتي وأعطاني مثل إيمان كل من آمن به من ولد آدم (?) وفي حديث آخر إن لله تعالى ثلثمائة خلق من لقيه بخلق منها مع التوحيد دخل الجنة فقال أبو بكر يا رسول الله هل فيّ منها خلق فقال كلها فيك يا أبا بكر وحبها إلى الله تعالى السخاء (?) وقال عليه السلام رأيت ميزاناً دلي من السماء فوضعت في كفة ووضعت أمتي في كفة فرجحت بهم ووضع أبو بكر في كفة وجيء بأمتي فوضعت في كفة فرجح بهم (?) ومع هذا كله فقد كان استغراق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالله تعالى بحيث لم يتسع قلبه للخلة مع غيره فقال لو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن صاحبكم خليل الله تعالى (?) يعني نفسه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015