وَهِيَ نَوْعَانِ أَوْسَاخٌ وَأَجْزَاءٌ
وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ
الْأَوَّلُ مَا يَجْتَمِعُ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ مِنَ الدَّرَنِ وَالْقَمْلِ فَالتَّنْظِيفُ عَنْهُ مُسْتَحَبٌّ بِالْغَسْلِ وَالتَّرْجِيلِ وَالتَّدْهِينِ إِزَالَةً لِلشَّعَثِ عَنْهُ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَّهِنُ الشعر ويرجله غباً ويأمر به (?) ويقول صلى الله عليه وسلم ادهنوا غبا (?) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ له شعرة فليكرمها (?) أي ليصنها عن الأوساخ ودخل عليه رجل ثائر الرأس أشعث اللحية فقال أما كان لهذا دهن يسكن به شعره ثم قال يدخل أحدكم كأنه شيطان (?)
الثَّانِي مَا يَجْتَمِعُ مِنَ الْوَسَخِ فِي مَعَاطِفِ الْأُذُنِ وَالْمَسْحُ يُزِيلُ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ وَمَا يجتمع في قعر الصماخ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنَظَّفَ بِرِفْقٍ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الحمام فإن كثرة ذلك ربما تضر بالسمع
الثالث ما يجتمع في داخل الأنف من الرطوبات المنعقدة الملتصقة بجوانبه ويزيلها بِالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ
الرَّابِعُ مَا يَجْتَمِعُ عَلَى الْأَسْنَانِ وطرف اللسان من القلح فيزيله السواك والمضمضة وقد ذكرناهما
الْخَامِسُ مَا يَجْتَمِعُ فِي اللِّحْيَةِ مِنَ الْوَسَخِ وَالْقَمْلِ إِذَا لَمْ يُتَعَهَّدْ وَيُسْتَحَبُّ إِزَالَةُ ذَلِكَ بالغسل والتسريح بالمشط
وفي الخبر المشهور أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يفارقه المشط والمدرى والمرآة في سفر ولا حضر (?) وهي سنة العرب وفي خبر غريب أنه صلى الله عليه وسلم كان يسرح لحيته في اليوم مرتين (?) وكان صلى الله عليه وسلم كث اللحية (?) وكذلك كان أبو بكر وكان عثمان طويل اللحية رقيقها وكان على عريض اللحية قد ملأت ما بين منكبيه
وفي حديث أغرب منه قالت عائشة رضي الله عنها اجتمع قوم بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فرأيته يطلع في الحب يسوي من رأسه ولحيته (?) فقلت أوتفعل ذلك يا رسول الله فقال نعم إن الله يحب من عبده أن يتجمل لإخوانه إذا خرج إليهم والجاهل ربما يظن أن ذلك من حب التزين للناس قياساً على أخلاق غيره وتشبيهاً للملائكة بالحدادين وهيهات فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مأموراً بالدعوة وكان من وظائفه أن يسعى في تعظيم أمر نفسه في قلوبهم كيلا تزدريه نفوسهم ويحسن صورته في أعينهم كيلا تستصغره أعينهم فينفرهم ذلك ويتعلق المنافقون بذلك في تنفيرهم
وهذا القصد واجب على كل عالم تصدي لدعوة الخلق إلى الله عز وجل وهو أن يراعي من ظاهره ما لا يوجب نفرة الناس عنه
والاعتماد في مثل هذه الأمور على النية فإنها أعمال في أنفسها تكتسب الأوصاف من المقصود فالتزين