وأما الأخبار فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر (?) حديث عطاء دخلت على عائشة فقلت لها أخبرينا بأعجب ما رأيت من رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ واي امره لم يكن عجبا الحديث في بكائه في صلاة الليل اخرجه ابو الشيخ ابن حبان في كتاب أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن طريقة ابن الجوزي في الوفا وفيه ابو جناب واسمه يحيى بن ابي حبة ضعفه الجمهور ورواه ابن حبان في صحيحه من رواية عبد الملك ابن ابي سليمان عن عطاء دون قولها واي امره لم يكن عجبا وهو عند مسلم من رواية عروة عن عائشة مقتصرا على آخر الحديث وهذا يدل على أن البكاء ينبغي أن لا ينقطع أبداً وإلى هذا السر يشير ما روي أنه مر بعض الأنبياء بحجر صغير يخرج منه ماء كثير فتعجب منه فأنطقه الله تعالى فقال منذ سمعت قوله تعالى وقودها الناس والحجارة فأنا أبكي من خوفه فسأله أن يجيره من النار فأجاره ثم رآه بعد مدة على مثل ذلك فقال لم تبكي الآن فقال ذاك بكاء الخوف وهذا بكاء الشكر والسرور وقلب العبد كالحجارة أو أشد قسوة ولا تزول قسوته إلا بالبكاء في حال الخوف والشكر جميعاً وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ينادى يوم القيامة ليقم الحمادون فتقوم زمرة فينصب لهم لواء فيدخلون الجنة قيل ومن الحمادون قال الذين يشكرون الله تعالى على كل حال (?) حديث الحمد رداء الرحمن لم اجد له اصلا وفي الصحيح من حديث ابي هريرة الكبر رداؤه الحديث وتقدم في العلم وأوحى الله تعالى إلى أيوب عليه السلام إني رضيت بالشكر مكافأة من أوليائي في كلام طويل وأوحى الله تعالى إليه أيضاً في صفة الصابرين أن دارهم دار السلام إذا دخلوها ألهمتهم الشكر وهو خير الكلام وعند الشكر أستزيدهم وبالنظر إلي أزيدهم ولما نزل في الكنوز ما نزل قال عمر رضي الله عنه أي المال نتخذ فقال عليه السلام ليتخذ أحدكم لساناً ذاكراً او قلبا شاكرا // حديث عمر ليتخذ أحدكم لساناً ذاكراً وقلبا شاكرا الحديث تقدم في النكاح فأمر باقتناء القلب الشاكر بدلاً عن المال وقال ابن مسعود الشكر نصف الإيمان
اعلم أن الشكر من جملة مقامات السالكين وهو أيضاً ينتظم من علم وحال وعمل فالعلم هو الأصل فيورث الحال والحال يورث العمل فأما العلم فهو مَعْرِفَةُ النِّعْمَةِ مِنَ الْمُنْعِمِ وَالْحَالُ هُوَ الْفَرَحُ الْحَاصِلُ بِإِنْعَامِهِ وَالْعَمَلُ هُوَ الْقِيَامُ بِمَا هُوَ مَقْصُودُ الْمُنْعِمِ وَمَحْبُوبُهُ وَيَتَعَلَّقُ ذَلِكَ الْعَمَلُ بِالْقَلْبِ وبالجوارح وباللسان ولا بد من بيان جميع ذلك ليحصل بمجموعه الإحاطة بحقيقة الشكر فإن كل ما قيل في حد الشكر قاصر عن الإحاطة بكمال معانيه