السَّادِسُ الْعُجْبُ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْخَدَمِ والغلمان والعشيرة والأقارب والأنصار والأتباع كَمَا قَالَ الْكُفَّارُ {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا} وَكَمَا قَالَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ حُنَيْنٍ لَا نُغْلَبُ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ وَعِلَاجُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْكِبْرِ وَهُوَ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي ضَعْفِهِ وَضَعْفِهِمْ وأن كلهم عبيد عَجَزَةٌ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا

{كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله} ثم كيف يعجب بهم وأنهم سيفترقون عنه إذا مات فيدفن في قبره ذليلاً مهينا وحده لا يرافقه أهل ولا ولد ولا قريب ولا حميم ولا عشير فيسلمونه إلى البلى والحيات والعقارب والديدان ولا يغنون عنه شيئاً وفي أحوج أوقاته إليهم وكذلك يهربون مِنْهُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه} الآية

فأي خير فيمن يُفَارِقُكَ فِي أَشَدِّ أَحْوَالِكَ وَيَهْرُبُ مِنْكَ وَكَيْفَ تعجب به ولا ينفعك في القبر والقيامة وعلى الصراط إلا عملك وفضل الله تعالى فكيف تَتَّكِلُ عَلَى مَنْ لَا يَنْفَعُكَ وَتَنْسَى نِعَمَ من يملك نفعك وضرك وموتك وحياتك

السابع العجب بالمال كما قال تعالى إخباراً عن صاحب الجنتين إِذْ قَالَ {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نفراً} ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً غنياً جلس بجنبه فقير فانقبض عنه وجمع ثيابه فقال صلى الله عليه وسلم أخشيت أن يعدو إليك فقره (?) حديث بينما رجل في حلة قد أعجبته نفسه الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة وقد تقدم

وأشار به إلى عقوبة إعجابه بماله ونفسه

وقال أبو ذر كنت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل المسجد فقال لي يا أبا ذر ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا رجل عليه ثياب جياد ثم قال ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا رجل عليه ثياب خلقة فقال لي يا أبا ذر هذا عند الله خير من قراب الأرض مثل هذا (?) حديث أنه يغلب على آخر هذه الأمة الإعجاب بالرأي هو حديث أبي ثعلبة المتقدم فإذا رأيت شحا مطاعاً وهوى متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك وهو عند أبي داود والترمذي

وبذلك هلكت الأمم السالفة إذ افترقت فرقاً فكل معجب برأيه وكل حزب بما لديهم فرحون وجميع أهل البدع والضلال إنما أصروا عليها لعجبهم بآرائهم والعجب بالبدعة هو استحسان ما يسوق إليه الهوى والشهوة مع ظن كونه حقاً وعلاج هذا العجب أشد من علاج غيره لأن صاحب الرأي الخطأ جاهل بخطئه ولو عرفه لتركه ولا يعالج الداء الذي لا يعرف والجهل داء لا يعرف فتعسر مداواته جداً

لأن العارف يقدر على أن يبين للجاهل جهله ويزيله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015