أيحل لك أم لا فإن زعمت أنك أتقى وأورع من أن تتلبس بالشبهات وإنما تجمع المال بزعمك من الحلال للبذل في سبيل الله ويحك إن كنت كما زعمت بالغاً في الورع فلا تتعرض للحساب فإن خيار الصحابة خافوا المسألة وبلغنا أن بعض الصحابة قال ما سرني أن أكتسب كل يوم ألف دينار من حلال وأنفقها في طاعة الله ولم يشغلني الكسب عن صلاة الجمعة قالوا ولم ذاك رحمك الله قال لأني غني عن مقام يوم القيامة فيقول عبدي من أين اكتسبت وفي أي شيء أنفقت فهؤلاء المتقون كانوا في جدة الإسلام والحلال موجود لديهم تركوا المال وجلا من الحساب مخافة أن لا يقوم خير المال بشره وأنت بغاية الأمن والحلال في دهرك مفقود
تتكالب على الأوساخ ثم تزعم أنك تجمع المال من الحلال ويحك أين الحلال فتجمعه
وبعد فلو كان الحلال موجوداً لديك أما تخاف أن يتغير عند الغنى قلبك وقد بلغنا أن بعض الصحابة كان يرث المال الحلال فيتركه مخافة أن يفسد قلبه أفتطمع أن يكون قلبك أنقى من قلوب الصحابة فلا يزول عن شيء من الخلق في أمرك وأحوالك لئن ظننت ذلك لقد أحسنت الظن بنفسك الأمارة بالسوء ويحك إني لك ناصح أرى لك أن تقنع بالبلغة ولا تجمع المال لأعمال البر ولا تتعرض للحساب فإنه بلغنا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال من نوقش الحساب عذب (?) حديث يؤتى بالرجل يوم القيامة وقد جمع مالاً من حرام وأنفقه في حرام فيقال اذهبوا به إلى النار الحديث بطوله لم أقف له على أصل
ويحك فمن ذا الذي يتعرض لهذه المسألة التي كانت لهذا الرجل الذي تقلب في الحلال وقام بالحقوق كلها وأدى الفرائض بحدودها حوسب هذه المحاسبة فكيف ترى يكون حال أمثالنا الغرقى في فتن الدنيا وتخاليطها وشبانها وشهواتها وزينتها ويحك لأجل هذه المسائل يخاف المتقون أن يتلبسوا بالدنيا فرضوا بالكفاف منها وعملوا بأنواع البر من كسب المال فلك ويحك بهؤلاء الأخيار أسوة فإن أبيت ذلك وزعمت أنك بالغ من الورع والتقى ولم تجمع المال إلا من حلال بزعمك للتعفف والبذل في سبيل الله ولم تنفق شيئاً من الحلال إلا بحق ولم يتغير بسبب المال قلبك عما يحب الله ولم تسخط الله في شيء من سرائرك وعلانيتك ويحك فإن كنت كذلك ولست كذلك فقد ينبغي لك أن ترضى بالبلغة وتعتزل ذوي الأموال إذا وقفوا للسؤال وتسق مع الرعيل الأول في