أما أصناف النساء في العدة بالأشهر فهن: المرأة المطلقة التي لا تحيض، أو التي توفي عنها زوجها، فإذاً: العدة بالأشهر في صنفين من النساء، الصنف الأول: امرأة طلقت وهي لا تحيض، إما لصغر أو يأس.
وهذه عدتها الأشهر، كما قال الله جل في علاه: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق:4]، فجعلها بالأشهر {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق:4]، يعني: لصغر، وهذه الآية فيها دلالة واضحة عند الفقهاء على أنه يجوز أن يتزوج الرجل ابنة ثلاث سنين أو أربع أو خمس أو ست، فإن قيل: وإن كانت لا تطيق الجماع، قلنا: لو كانت لا تطيق الجماع فله أن يتمتع بخدمتها، أو يتمتع بالتقبيل، أو غير ذلك.
أما اليائسة من الحيض: فهي التي انقطع عنها الدم ولم يرجع لها مرة أخرى.
فعدة القسمين ثلاثة أشهر، إذ البدل يساوي الأصل، فالأصل: القرء وهو الحيض، فقد عده الله جل في علاه بثلاثة قروء، قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228]، فلما عدم الأصل كان البدل مساوياً للأصل، فقال: ((ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ)) [الطلاق:4].
الصنف الثاني: المرأة التي توفي عنها زوجها، وهذه على العموم، سواء كانت يائسة، أو كانت صغيرة، أو كانت حائضاً، فعدتها بالأشهر، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة:240]، وهذا في أول الأحكام ثم نسخه الله جل في علاه بقوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:234]، فعدة المرأة التي توفي عنها زوجها: أربعة أشهر وعشراً، أما على غير الزوج فثلاثة أيام، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)، فهذه العدة الثانية وهي بالأشهر.
وهنا ملحوظة مهمة جداً لا بد من النظر إليها ألا وهي: أن الأشهر تحسب بالعربي لا بالميلادي، والعد يكون بالأشهر القمرية لا الشمسية، قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:189]، فالمواقيت تحسب بالأهلة؛ أي: بالأشهر القمرية، سواء كانت تسعة وعشرين أو كانت ثلاثين فهي تحسب بذلك أربعة أشهر وعشراً أو ثلاثة أشهر على حسب المعتدة.