القول الثالث: قول الشافعية فقالوا: يجوز للنساء خاصة افتراش الحديد، واستدلوا بنفس الأدلة السابقة فاستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هذان حلال لإناث أمتي حرام على ذكورها) وهم يعرفون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجلس المرء على المياثر، ووجهة نظر الشافعية في ذلك أنهم قالوا: لما أحل الله لبس الحرير للنساء وحرمه على الرجال، علمنا أن النبي قد فرق في الأحكام بين النساء والرجال، وعندنا أن الأصل: الحل في اللبس وفي الافتراش, ويضم إليه أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق في الحكم بين المرأة وبين الرجل، فما جاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم: حلال لأمتي عموم يجعلنا نقول: يحل للنساء استعمال الحرير مطلقاً ويبقى العام على عمومه ولم يأت دليل يخصصه، فإن قيل: فما تقولون في حديث حذيفة (نهانا أن نجلس عليه) قالوا: حديث حذيفة المقصود به الخصوص, فهو عام يراد به الخصوص؛ لتفريق النبي في الأحكام بين الرجال وبين النساء، وهذا الوجه من القوة بمكان, ولولا الحيطة لقلت بهذا القول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أباح للمرأة لبس الحرير، والأصل يعضده فيبقى العام على عمومه.