نفسه وكرهك وكره ما تأتي به من نصيحة، حتى لو أصر على المعصية سلِّم عليه وانصحه." لقاءات الباب المفتوح " (165 / السؤال رقم 8).
التأليَف المشروع يكون بشيء من الدنيا مع لين الكلام.
الهجر الوارد في كلام السلف يشمل: ترك الكلام وترك السلام وترك المجالسة والمخاطبة والاستماع وترك المناظرة وترك الدخول عليهم وترك عيادة المبتدعة إذا مرضوا وشهود جنائزهم إذا ماتوا وترك الصلاة عليهم وترك توقيرهم وإجلالهم أو ما يؤدي إلى ذلك من بسط الوجه والانشراح برؤيتهم أو تسميتهم وتلقيبهم بأسماء وألقاب التوقير أو طلب المشورة منهم إلا أن المراد بهذا الهجر غالباً هو هجر الكلام معهم , وهجر الكلام يستلزم مفردات الهجر الأخرى بطريق اللزوم، كما هجر المسلمون الثلاثة الذين تخلفوا عن الغزو، وفي صحيح مسلم: أن قريباً لعبد الله بن مغفل خذف فنهاه وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف وقال: إنها لا تصيد صيداً، أو لا تنكأ عدواً، ولكنها تكسر السن وتفقأ العين، قال: فعاد، فقال: أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ثم تخذف، لا أكلمك أبداً.
وقال النووي في شرحه لحديث الثلاثة الذين خلفوا: فيه استحباب هجران أهل البدع والمعاصي الظاهرة وترك السلام عليهم ومقاطعتهم تحقيراً لهم وزجراً ... انتهى.
حكم الصلاة على المبتدع الداعية المسلم والفاجر المجاهر:
الصلاة على المبتدع المسلم والفاجر مشروعة لكن إن كان المبتدع داعية والفاجر مجاهراً فيُشرع ترك الصلاة عليهم وذلك مقيد بثلاثة شروط:
1 - أن يكون القصد الزجر عن حالهم , لئلا يغتر غيرهم بهم.2 - أن يغلب على الظن تحقق تلك المصلحة وإلا لم يكن ترك الصلاة عليهم مشروعاً. 3 - أن يوجد من المسلمين من يصلي عليهم.
وبهذا يتبين أنه يُشرع عدم الصلاة على المبتدع المسلم الداعية والفاجر المسلم الراجح شره على خيره المجاهر للإمام أو أهل العلم والدين زجراً للناس عما وقع فيه الميت مع مراعاة أن عموم المسلمين يصلون عليهم.
مُرْتَكِبَ الْمَعَاصِي الْمُسْتَتِرَ لَا يجوز هْجَرُه إلا إذا كان وراء هجره مصلحة شرعية راجحة قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه -أي ابن حنبل-: إذَا عُلِمَ مِنْ الرَّجُلِ الْفُجُورُ أَيُخْبَرُ بِهِ النَّاسُ؟ قَالَ بَلْ يُسْتَرُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَاعِيَةً.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ فِي مَعْنَى الدَّاعِيَةِ مَنْ اُشْتُهِرَ وَعُرِفَ بِالشَّرِّ وَالْفَسَادِ يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسَرَّ الْمَعْصِيَةَ.
وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَ الْقَاضِي فِيمَنْ أَتَى مَا يُوجِبُ حَدًّا إنْ شَاعَ عَنْهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَذْهَبَ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ لِيَأْخُذَهُ بِهِ وَإِلَّا سَتَرَ نَفْسَهُ.
قَالَ الْقَاضِي: فَإِنْ كَانَ يَسْتَتِرُ بِالْمَعَاصِي فَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه أَنَّهُ لَا يُهْجَرُ. قَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَيْسَ لِمَنْ يَسْكَرُ وَيُقَارِفُ شَيْئًا مِنْ الْفَوَاحِشِ حُرْمَةٌ وَلَا وَصْلَةٌ إذَا كَانَ مُعْلِنًا بِذَلِكَ مُكَاشِفًا.