انتهى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فأحوال البلاد كأحوال العباد فيكون الرجل تارة مسلماً وتارة كافراً وتارة مؤمناً وتارة منافقاً وتارة براً تقياً وتارة فاسقاً وتارة فاجراً شقياً، وهكذا المساكن بحسب سكانها. فهجرة الإنسان من مكان الكفر والمعاصي إلى مكان الإيمان والطاعة كتوبته وانتقاله من الكفر والمعصية إلى الإيمان والطاعة، وهذا أمر باق إلى يوم القيامة. انتهى
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى " فالإقامة في بلاد الكفر لابد فيها من شرطين أساسيين:
الشرط الأول: أمن المقيم على دينه بحيث يكون عنده من العلم والإيمان وقوة العزيمة ما يطمئنه على الثبات على دينه، والحذر من الانحراف والزيغ، وأن يكون مضمراً العداوة للكافرين وبغضهم، مبتعدًا عن موالاتهم ومحبتهم، فإن موالاتهم ومحبتهم مما ينافي الإيمان. الشرط الثاني: أن يتمكن من إظهار دينه بحيث يقوم بشعائر الإسلام بدون ممانع، فلا يمنع من إقامة الصلاة والجمعة والجماعات إن كان معه من يصلي جماعة ومن يقيم الجمعة، ولا يمنع من الزكاة والصيام والحج وغيرها من شعائر الدين، فإن كان لا يتمكن من ذلك لم تجز الإقامة لوجوب الهجرة حينئذ" انتهى.
وعلى هذا فإن من لا حرج عليه في الإقامة بين أظهر المشركين:
1 - من كان مُظهراً لدينه.
2 - المُستضعف العاجز عن إظهار دينه وهم الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً , علماً بأن العاجز عن إظهار دينه وعن الهجرة إن حمل على نفسه وتكلف الخروج منها أُجر.
بيان الإقامة المستحبة للمسلم في دار الكفر:
يستحب للمسلم أن يقيم في دار الكفر وذلك إذا كان يرجو ظهور الإسلام بإقامته أو إذا ترتب على بقائه بدار الكفر مصلحة للمسلمين.
دار الإسلام هي التي يحكمها المسلمون وتجري فيها أحكام الإسلام والنفوذ فيه للمسلمين ولو كان جميع أهلها كفاراً ودار الكفر عكسها.
يشرع للمسلم الهجرة من بلاد الكفر المحاربة المضطهدة للدين وأهله المؤذية للمؤمنين إلى بلاد كفر معاهدة ومهادنة وآمنة لأن الشر القليل أهون من الشر الكثير وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بالهجرة من مكة إلى الحبشة حينما ضُيَق عليهم ولم تكن الحبشة يومئذ بلد مسلمة , وهذا في حال عدم القدرة على الهجرة إلى بلاد إسلامية يتمكن من إظهار دينه فيها.
الهجرة من بين أهل المعاصي غير واجبة سواء كانت معاصيهم كبائر أو صغائر، بل على المسلم أن يغير المنكر ما استطاع وهذا الذي عليه العمل لكن إن كان الإنسان يعيش في بلاد الفسق أو بلاد البدعة وكان لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه أو لا يأمن على نفسه وأهله من الوقوع في الفتنة فإنه يجب عليه أن يهاجر من هذه