الهجر هجران هجرٌ ظاهر , وهجرٌ باطنٌ قلبي والهجر الباطن هو هجران بغض، بترك التودد إلى المهجور , وهذا الهجر الباطن خاص بالكفار والمنافقين والمرتدين والفساق الفجار الراجح شرهم على خيرهم علماً بأنه لا تلازم بين الهجران الباطن والهجران الظاهر فقد يجتمعان وقد يفترقان , والهجر الباطن لا يلزم منه سوء المعاملة بل تُشرع أحياناً حسن المعاملة مع من يجب هجره باطناً وذلك بحسب المصلحة الشرعية.
وأما الهجر الظاهر فهو على قسمين:
1 - هجر إيجابي: وهو الصادر ممن له حق الزجر والتأديب إما بسلطة مادية كالأب مع أبنائه والزوج مع زوجته أو سلطة معنوية كالشيخ مع تلاميذه , علماً بأن هذا الهجر يجب فيه إشعار المهجور بالهجر وسببه , وهو إما دواء وإما تعزير، فإن كان من أجل معصية مستمرة فهو دواء، وإن كان من أجل معصية مضت وانتهت فهو تعزير , وهذا الهجر الإيجابي كهجر الكلام والسلام وحسن التعامل وإظهار البغض لا يُشرع في حق من لا يُرجى الفائدة منه كالمنافقين والكفار الميئوس من رجوعهم للإسلام والسادة المطاعين مثلاً إذا أذنبوا أما الوقائي فهو مشروع مع كل أحد.
2 - هجر وقائي: وهو الذي يتقي الهاجر فيه شر المهجور دينياً أو دنيوياً أو الافتتان به وهو مشروع مع كل أحد بلا استثناء.
وهذا الهجر يجب أن يكون جميلاً ولا يلزم منه إشعار المهجور بالهجر وسببه.
وعلى هذا فيجب هجر صداقة كل كافر ومنافق مرتد وفاسق فاجر شره راجح على خيره هجراً وقائياً باستثناء الزوجة الكتابية , هذا وإن كان لا مانع من حسن التعامل معهم وصحبتهم بالمعروف وصلتهم إذا اقتضت المصلحة الشرعية وذلك كصحبة الوالدين المشركين بالمعروف وصحبة الكافر في العمل والسفر والجوار بالحسنى وأما المرتد فإذا كان في بلد لا تُقيم عليه حد الشريعة فالأولى معاملته بالحسنى إذا اقتضت المصلحة ذلك لا سيما إذا كان تحته أولاد يُرجى انتشالهم من ضلاله وغيه.
وأما الهجر الايجابي فهو على ثلاث أنواع:
الأول: الهجر الإيجابي الذي يكون بين متخاصمين من المسلمين كلهم عدول وهو هجر لحظِّ النفس، أو على أمرٍ دنيوي وهو لا خير فيه ولا ثمرة تُرجى منه فهذا غير مشروع، بل هو منهيٌ عنه ومحرم إذا كان أكثر من ثلاث ويُستثنى من هذا النهي الهجر الوقائي الجميل لمن يُدخل عليك مضرة محققة في دنياك فذلك جائز بإجماع أهل العلم وأما من يُخل عليك الأذى دون الضرر فيجوز على مذهب بعض أهل العلم والورع والكمال يقتضي الصبر عليهم وصلتهم بالحسنى.
الثاني: الهجر الإيجابي الذي يكون بين متخاصمين من المسلمين لحقِّ الله، بأن يكون من أجل وقوع المهجور في بدعة أو معصية.