ويؤيد ما ذكرته أن ابن عباس - في رواية عزرة - بعد أن ذكر نسخ الآية المذكورة قال: (وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا كل يوم مسكينا).

ففى قوله: (ثبت) إشعار بأن هذا الحكم في حق من لا يطيق الصوم كان مشروعا كما كان مشروعا في حق من يطيق الصوم فنسخ هذا واستمر الآخر وكل من شرعيته واستمراره إنما عرفه ابن عباس من السنة وليس من القرآن. ويزيده تأييدا أن ابن عباس أثبت هذا الحكم للحبلى والمرضع لذا خافتا. ومن الظاهر جدا أنهما ليسا كالشيخ والشيخة في عدم الاستطاعة بل إنهما مستطيعتان ولذلك قال لأم ولد له أو مرضع.: (أنت بمنزلة الذي لا يطيق) كما سبق. فمن أين أعطاهما ابن عباس هذا الحكم مع تصريحه بان الآية {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} منسوخة ذلك من السنة بلا ريب.

ويشهد لما سبق ذكره حديث معاذ فانه بعد أن أفاد نسخ الآية المذكورة بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} قال: (فاثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام).

فقد أشار بقوله (وثبت الإطعام) إلى مثل ما أشار إليه حديث إبن عباس. وبذلك يلتقي الحديثان حديث معاذ وسلمة مع حديث ابن عباس ويتبين أن في حديثه ما يوافق الحديثين, وفيه ما يوافق حديث معاذ ويزيد على حديث سلمة وهو ثبوت الإطعام على العاجز عن الصيام فاتفقت الأحاديث ولم تختلف والحمد لله على توفيقه.

وإذا عرفت هذا فهو خير مما ذكره الحافظ في (الفتح) (4/ 164): (أن ابن عباس ذهب إلى أن الآية المذكورة محكمة, لكنها مخصوصة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015