فإن الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام، ومن أفضل الأعمال التي تقرب العبد إلى الملك العلام. به يحفظ الدين وينشر نور الإسلام في بقاع المعمورة، وبه يعز أولياء الرحمن ويذل أولياء الشيطان، وبه يدفع العدوان ويرفع الظلم عن المظلومين ويحكم شرع الله في الأرض، فينتشر العدل، ويسود الأمان، ويعم الرخاء، به تسود الأمة، وتسمع الكلمة وتصان الكرامة.

ولما كان باب الجهاد واسعا فهو يشمل جهاد الكفار بالنفس، وبالمال، وباللسان، وبالقلب، ويشمل جهاد البغاة من المسلمين، وجهاد العصاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويشمل كذلك جهاد النفس على طاعة الله وجهاد الشيطان، ولما كان كذلك، قصرت البحث على أشرف هذه الأنواع وهو الجهاد بالنفس للكفار وبينت أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله في أبواب الفقه تحت عنوان:

(أحكام المجاهد بالنفس في سبيل الله في الفقه الإسلامي)

والسبب في اختيار هذا الموضوع يعود إلى أمور منها:

1- انحراف الجهاد بالنفس عن معناه الحقيقي وباعثه عند بعض المسلمين اليوم إلى قتال لشهوة دنيا، أو منصب، أو وطن، أو قومية على أساس من النظم الوضعية المستوردة، فأردت بيان المجاهد الحق الذي يجاهد بنفسه في سبيل الله يرجو نصرة دينه، وعلو كلمته في أي مكان وفي أي زمان، وبيان أحكامه.

2- لم أجد حسب علمي من أفرد المجاهد بالنفس في سبيل الله ببحث مستقل يبين أحكامه في أبواب الفقه، ويكشف هدفه وغايته من الجهاد، فلعلي أسهم بجهد المقل في بيان ذلك.

3- وجود مباحثه في أكثر أبواب الفقه مما يفيد الباحث ويوسع اطلاعه.

4- البحث العلمي لذاته، فهو مقصد نبيل يقصده العلماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015