إليك مما صنع هؤلاء - يعني المسلمين - وأبرأ إليك مما جاء به المشركون فتقدم بسيفه فلقي سعد بن معاذ، فقال: أين يا سعد؟ إني أجد ريح الجنة دون أحد فمضى فقتل فما عرف حتى عرفته أخته بشامة أو ببنانه، وبه بضع وثمانون من طعنة وضربة ورمية بسهم) (?) .
قال في زاد المعاد: يجوز الانغماس في العدو كما انغمس أنس بن النضر وغيره (?) وهذا إذا كان فيه مصلحة للمسلمين وتأثيرا في العدو، ونكاية بهم.
وفي قول عند المالكية (?) لا يجوز إقحام المجاهد نفسه فيما فيه هلاكه ولو كان في ذلك مصلحة، أو نكاية بالعدو.
واستدلوا: بمعموم قوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195] .
ولعل هذا القول للمالكية محمول على عدم النفع للمسلمين، أو عدم النكاية بالعدو في إقحام المجاهد نفسه فيما فيه هلاكه، أو كونه يقاتل لإظهار شجاعته.
وبهذا يتقرر أن للمجاهد في سبيل الله إقحام نفسه فيما فيه هلاكه إذا كان في ذلك نفع للمسلمين ونكاية بالعدو.
أما الحالة الثانية: إذا لم يكن هناك نفع للمسلمين ولا نكاية بالعدو من إقحام المجاهد نفسه فيما فيه هلاكه، فإن عامة الفقهاء قالوا: لا يجوز للمجاهد أن يقحم نفسه فيما فيه هلاكه (?) .
واستدلوا بما يلي:
1- عموم قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] .