واستدلوا بما جاء في الصحيحين من حديث طويل عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ (?) : (.. فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) (?) .
وجه الدلالة: أن الزكاة تؤخذ من الأغنياء وتعطى الفقراء، فلا يجوز أن تؤخذ من الأغنياء وتعطى الأغنياء.
ويمكن مناقشة هذا الاستدلال: بأن دلالة الحديث عامة واستثني الغازي في سبيل الله من هذا العموم بحديث عطاء بن يسار رحمه الله فلا تعارض بين الأدلة.
والذي يظهر أن ما ذهب إليه الجمهور من أنه يعطي المجاهد من الزكاة وإن كان غنيا هو الراجح لحديث عطاء بن يسار، ولأن في ذلك إعانة لهم على الغزو، وتشجيعا لهم على الاستمرار في الجهاد والله أعلم.
إذا تقرر أن المجاهد يأخذ من الزكاة، فما مقدار ما يأخذه؟
يعطى المجاهد في سبيل الله من الزكاة ما يكفيه في غزوه من الدواب والسلاح والنفقة والكسوة مدة الذهاب والرجوع والمقام في أرض العدو، أو في الثغور وإن طال المقام (?) وهذا العطاء يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة وتغير الأحوال وباختلاف المجاهدين، فالتقدير يرجع إلى ولي الأمر، يعطيه ما يناسب حاله والله أعلم.