إذا تقرر أن شهيد المعركة مع الكفار يكفن في ثيابه التي قتل فيها، فهل هذا على وجه الاستحباب والأولوية، أم للوجوب، اختلف الفقهاء إلى قولين:
القول الأول: أنه يجب تكفينه في ثيابه التي قتل فيها ولا تنزع عنه، وهذا قول الحنفية (?) والمالكية (?) والصحيح عند الحنابلة (?) واختاره الشوكاني (?) .
واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أمر رسول الله بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم) (?) .
وجه الدلالة: أنه أمر - صلى الله عليه وسلم - أن يدفنوا بثيابهم والأمر عند إطلاقه يقتضي الوجوب.
ونوقش: بأن الأمر فيه محمول على الاستحباب للجمع بين الأدلة (?) .
القول الثاني: إنه يستحب تكفينه في ثيابه التي قتل فيها، ولولي الشهيد أن ينزع عنه ملابسه التي قتل فيها، ودفنه فيها أفضل وأولى، وهذا قول الشافعية (?) ورواية عند الحنابلة اختارها ابن قدامة (?) .
واستدلوا بما روي عن صفية (?) رضي الله عنها (أنها أرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوبين يكفن فيها حمزة رضي الله عنه فكفنه في أحدهما، وكفن في الآخر رجل آخر) (?) .