ثم أنزل تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) (?) ، الآية.
وقال: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) (?) .
معناه: إن كون عيسى عبد الله، محكم على معنى أن التأويل لا يتطرق إلى الآيات الدالة على أن عيسى عبد الله.
وقوله: «كلمة الله» يحتمل أن يكون معناه: أنه الذي بشر به في كتب الأنبياء المتقدمين، ومثله قوله تعالى: (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) (?) الآية.
فسماه كلمة وقولا من حيث قدم البشارة به.
وسمى روحه، لأنه خلق من غير ذكر، بل أمر جبريل عليه السلام فنفخ في جيب مريم فقال:
(فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) (?) ، فأضاف الروح إلى نفسه تشريفا له كبيت الله، وأرض الله، وسماء الله.
وقد سمى القرآن روحا، لأنه يحيي به من الضلال، وسمى عيسى روحا، لأنه كان يحيي به الناس في أمور دينهم، فصرف أهل الزيغ ذلك إلى مذاهبهم الفاسدة، وإلى ما يعتقدونه من الكفر والضلال، فهذا مثال المحكم والمتشابه، الذي يجب أن يرد معناه إلى معنى المحكم.