بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ

مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ سَلَامَةَ الْأَزْدِيُّ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَوْضحَ لَنَا مِنْ بُرْهَانِهِ، وَبَيَّنَ لَنَا مِنْ فُرْقَانِهِ، وَهَدَانَا إِلَيْهِ مِنْ نُورِ كِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ، وَأَنْهَجَ بِهِ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، وَجَعَلَهُ مُهَيْمِنًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى النَّبِيَّينَ صَلَّى الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} فَأَعْلَمَنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ أَنَّ مِنْ كِتَابِهِ آيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ، قَدْ أَحْكَمَهَا بِالتَّأْوِيلِ مَعَ حِكْمَةِ التَّنْزِيلِ، وَأَنَّهَا أُمُّ الْكِتَابِ، وَأَنَّ مِنْ كِتَابِهِ آيَاتٍ مُتَشَابِهَةً، ثُمَّ ذَمَّ مُبْتَغِي الْمُتَشَابِهَاتِ، فَقَالَ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} لِأَنَّ حُكْمَ الْمُتَشَابِهَاتِ إِنَّمَا يُلْتَمَسُ مِنَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، لِلْكِتَابِ أُمًّا، ثُمَّ مِنْ أَحْكَامِهِ الَّتِي أَجْرَاهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِبْيَانًا لِمَا أُنْزِلَ فِي كِتَابِهِ مُتَشَابِهًا، وَأَمَرَ عَزَّ وَجَلِّ بِقَبُولِ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا، كَمَا أَمَرَ بِقَبُولِ كِتَابِهِ مِنْهُ قُرْآنًا، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ} وَقَالَ:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015