قَالَ حَرْمَلَة بن يحيى: قدم الشَّافِعِي مصر سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَة. وَقَالَ الرّبيع سنة مِائَتَيْنِ. فصنف كتبه الجديدة كلهَا بِمصْر، وَسَار ذكره فى الْبلدَانِ، وقصده النَّاس من الشَّام، واليمن، وَالْعراق، وَسَائِر الأقطار للتفقه عَلَيْهِ وَالرِّوَايَة عَنهُ، وَسَمَاع كتبه مِنْهُ وَأَخذهَا عَنهُ. قَالَ الإِمَام أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن جَعْفَر الرَّازِيّ: سَمِعت أَبَا عمر، وَأحمد بن على بن الْحسن الْبَصْرِيّ، قَالَا: سمعنَا أَحْمد بن سُفْيَان الطرائفى الْبَغْدَادِيّ يَقُول: سَمِعت الرّبيع بن سُلَيْمَان يَوْمًا وَقد حط على بَاب دَاره تِسْعمائَة رَاحِلَة فى سَماع كتب الشَّافِعِي.
للشافعى مؤلفات كَثِيرَة مِنْهَا: «الْأُم طبع فى سَبْعَة أَجزَاء كَبِيرَة» ، و «جامعى الْمُزنِيّ» الْكَبِير وَالصَّغِير. و «مختصريه» و «مُخْتَصر الرّبيع» و «مُخْتَصر البويطى» وَكتاب «حَرْمَلَة» وَكتاب «الْحجَّة» وَهُوَ الْقَدِيم. و «الرسَالَة الجديدة والقديمة» و «الأمالى» و «الْإِمْلَاء» وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ مَعْرُوف. وَقد ذكرهَا الْبَيْهَقِيّ جَامع هَذَا الْكتاب فى كِتَابه «مَنَاقِب الشَّافِعِي» .
قَالَ القَاضِي الإِمَام أَبُو الْحسن بن مُحَمَّد الْمروزِي: قيل إِن الشَّافِعِي رَحمَه الله صنف مائَة وَثَلَاثَة عشر كتابا فى التَّفْسِير وَالْفِقْه وَالْأَدب وَغير ذَلِك.
قَالَ السَّاجِي فى أول كِتَابه فى الِاخْتِلَاف: سَمِعت الرّبيع يَقُول: سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول: وددت أَن الْخلق تعلمُوا هَذَا الْعلم على إِن لَا ينْسب إلىّ مِنْهُ حرف. قَالَ النَّوَوِيّ: فَهَذَا إِسْنَاد لَا يمارى فى صِحَّته.
وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: وددت- إِذا ناظرت أحدا- أَن يظْهر الله الْحق على يَدَيْهِ.
ونظائر هَذَا كَثِيرَة مَشْهُورَة. وَمن ذَلِك مبالغته فى الشَّفَقَة على المتعلمين ونصيحته