قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «وَمَنْ جِمَاعِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، الْعِلْمُ بِأَنَّ جَمِيعَ كِتَابِ اللَّهِ إنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، وَالْمَعْرِفَةُ بِنَاسِخِ كِتَابِ اللَّهِ وَمَنْسُوخِهِ، وَالْفَرْضِ فِي تَنْزِيلِهِ، وَالْأَدَبِ، وَالْإِرْشَادِ، وَالْإِبَاحَةِ وَالْمَعْرِفَةُ بِالْوَضْعِ الَّذِي وَضَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مِنْ الْإِبَانَةِ عَنْهُ فِيمَا أَحْكَمَ فَرْضَهُ فِي كِتَابِهِ، وَبَيَّنَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَرَادَ بِجَمِيعِ فَرَائِضِهِ: أَأَرَادَ كُلَّ خَلْقِهِ، أَمْ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ؟ وَمَا افْتَرَضَ عَلَى النَّاسِ مِنْ طَاعَتِهِ وَالِانْتِهَاءِ إلَى أَمْرِهِ ثُمَّ مَعْرِفَةُ مَا ضَرَبَ فِيهَا مِنْ الْأَمْثَالِ الدَّوَالِّ عَلَى طَاعَتِهِ، الْمُبِينَةِ لِاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ وَتَرْكُ الْغَفْلَةِ عَنْ الْحَظِّ، وَالِازْدِيَادُ مِنْ نَوَافِلِ الْفَضْلِ. فَالْوَاجِبُ عَلَى الْعَالَمِينَ أَلَّا يَقُولُوا إلَّا مِنْ حَيْثُ عَلِمُوا» .

ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إلَى أَنْ قَالَ: «وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ إلَّا بِلِسَانِ الْعَرَبِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ: 26- 192- 195) . وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا: 13- 37) . وَقَالَ تَعَالَى: (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها: 42- 7) . فَأَقَامَ حُجَّتَهُ بِأَنَّ كِتَابَهُ عَرَبِيٌّ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ نَفَى عَنْهُ كُلَّ لِسَانٍ غَيْرَ لِسَانِ الْعَرَبِ، فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ: 16- 103) . وَقَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ: 41- 44) » .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015