قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} عُمُومٌ فِي إبَاحَةِ سَائِرِ الْبِيَاعَاتِ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ مَوْضُوعٌ لِمَعْنًى مَعْقُولٍ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ تَمْلِيكُ الْمَالِ بِمَالٍ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا، وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ فِي مَفْهُومِ اللِّسَانِ; ثُمَّ مِنْهُ جَائِزٌ وَمِنْهُ فَاسِدٌ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ اعْتِبَارِ عُمُومِ اللَّفْظِ مَتَى اخْتَلَفْنَا فِي جَوَازِ بَيْعٍ أَوْ فَسَادِهِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَإِنْ كَانَ مَخْرَجُهَا مَخْرَجَ الْعُمُومِ فَقَدْ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ; لِأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى حَظْرِ كَثِيرٍ مِنْ الْبِيَاعَاتِ، نَحْوُ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَبَيْعِ الْغَرَرِ وَالْمَجَاهِيلِ وَعَقْدِ الْبَيْعِ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ الْأَشْيَاءِ; وَقَدْ كَانَ لَفْظُ الْآيَةِ يُوجِبُ جَوَازَ هَذِهِ الْبِيَاعَاتِ، وَإِنَّمَا خُصَّتْ مِنْهَا بِدَلَائِلَ، إلَّا أَنَّ تَخْصِيصَهَا غَيْرُ مَانِعٍ اعْتِبَارَ عُمُومِ لَفْظِ الْآيَةِ فِيمَا لَمْ تَقُمْ الدَّلَالَةُ عَلَى تَخْصِيصِهِ. وَجَائِزٌ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِعُمُومِهِ عَلَى جَوَازِ البيع الموقوف