بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} . حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْحَسَنِ فِي قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ مَسْرُورٌ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ: "لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنَ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنَ إنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَعْنِي أَنَّ الْعُسْرَ الْمَذْكُورَ بَدِيًّا هُوَ الْمُثَنَّى بِهِ آخِرًا; لِأَنَّهُ مُعَرَّفٌ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيَرْجِعُ إلَى الْعَهْدِ الْمَذْكُورِ، وَالْيُسْرُ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ; لِأَنَّهُ مَنْكُورٌ، وَلَوْ أَرَادَ الْأَوَّلَ لَعَرَّفَهُ بِالْأَلِفِ واللام.
وقوله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "إذَا فَرَغَتْ مِنْ فَرْضِك فَانْصَبْ إلَى مَا رَغَّبَك تَعَالَى فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ" وَقَالَ الْحَسَنُ: "فَإِذَا فَرَغْت مِنْ جِهَادِ أَعْدَائِك فَانْصَبْ إلَى رَبِّك فِي الْعِبَادَةِ" وَقَالَ قَتَادَةُ: "فَإِذَا فَرَغْت مِنْ صَلَاتِك فَانْصَبْ إلَى رَبِّك فِي الدُّعَاءِ". وَقَالَ مُجَاهِدٌ: "فَإِذَا فَرَغْت مِنْ أَمْرِ دُنْيَاك فَانْصَبْ إلَى عِبَادَةِ رَبِّك". وَهَذِهِ الْمَعَانِي كُلُّهَا مُحْتَمَلَةٌ، وَالْوَجْهُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهَا كُلِّهَا فَيَكُونُ جَمِيعُهَا مُرَادًا، وَإِنْ كَانَ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ المراد به جميع المكلفين. آخر السورة.