وقرئ قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ} بِرَفْعِ الْمِثْلِ, وَقُرِئَ بِخَفْضِهِ وَإِضَافَةُ الْجَزَاءِ إلَيْهِ. وَالْجَزَاءُ قَدْ يَكُونُ اسْمًا لِلْوَاجِبِ بِالْفِعْلِ وَيَكُونُ مَصْدَرًا فَيَكُونُ فِعْلًا لِلْمَجَازِيِّ, فَمَنْ قَرَأَهُ بِالتَّنْوِينِ جَعَلَ الْمِثْلَ صِفَةً لِلْجَزَاءِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْقِيمَةُ أَوْ النَّظِيرُ مِنْ النَّعَمِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ; وَمَنْ أَضَافَهُ جَعَلَهُ مَصْدَرًا وَأَضَافَهُ إلَى الْمِثْلِ, فَكَانَ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْوَاجِبِ مُضَافًا إلَى الْمِثْلِ الْمَذْكُورِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْجَزَاءُ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ مُضَافًا إلَى الْمِثْلِ, وَالْمِثْلُ يَكُونُ مِثْلًا لِلصَّيْدِ, فَيُفِيدُ أَنَّ الصَّيْدَ مَيْتَةٌ مُحَرَّمٌ لَا قِيمَةَ لَهُ, وَأَنَّ الْوَاجِبَ اعْتِبَارُ مِثْلِ الصَّيْدِ حَيًّا فِي إيجَابِ الْقِيمَةِ, فَالْإِضَافَةُ صَحِيحَةُ الْمَعْنَى فِي الْحَالَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْجَزَاءُ اسْمًا أَوْ مَصْدَرًا; وَالنَّعَمِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. وقَوْله تَعَالَى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} يَحْتَمِلُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ النَّظِيرِ مِنْ النَّعَمِ لِأَنَّ الْقِيَمَ تَخْتَلِفُ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ الصَّيْدِ, فَيَحْتَاجُ فِي كُلِّ حِينٍ وَفِي كُلِّ صَيْدٍ إلَى اسْتِئْنَافِ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ فِي تَقْوِيمِهِ. وَمَنْ قَالَ بِالنَّظِيرِ فَرَجَعَ إلَى قول الحكمين, لاختلاف