مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ مِنْ الْقَرَابَاتِ أَنْ يُزَوِّجَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ, فَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ الْأَبَ أَوْ الْجَدَّ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ, وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَلَهُمْ الْخِيَارُ بَعْدَ الْبُلُوغِ". وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: "لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَيْنِ إلَّا الْعَصَبَاتُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ"; قَالَ أَبُو يُوسُفَ: "وَلَا خِيَارَ لَهُمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ" وَقَالَ مُحَمَّدٌ: "لَهُمَا الْخِيَارُ إذَا زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ". وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي تَزْوِيجِ الرَّجُلِ يَتِيمَهُ إذَا رَأَى لَهُ الْفَضْلَ وَالصَّلَاحَ وَالنَّظَرَ: "أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ عَلَيْهِ". وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ أُخْتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ: "إنَّهُ لَا يَجُوزُ, وَيُزَوِّجُ الْوَصِيُّ وَإِنْ كَرِهَ الْأَوْلِيَاءُ, وَالْوَصِيُّ أَوْلَى مِنْ الْوَلِيِّ, غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ الثَّيِّبَ إلَّا بِرِضَاهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ عَنْهَا الْخِيَارَ الَّذِي جُعِلَ لَهَا فِي نَفْسِهَا, وَيُزَوِّجُ الْوَصِيُّ بَنِيهِ الصِّغَارَ وَبَنَاتَهُ الصِّغَارَ وَلَا يُزَوِّجُ الْبَنَاتَ الْكِبَارَ إلَّا بِرِضَاهُنَّ". وَقَوْلُ اللَّيْثِ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ, وَكَذَلِكَ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةُ إنَّ الْوَصِيَّ أَوْلَى. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: "لَا يُزَوِّجُ الْعَمُّ وَلَا الْأَخُ الصَّغِيرَةَ, وَالْأَمْوَالُ إلَى الْأَوْصِيَاءِ, وَالنِّكَاحُ إلَى الْأَوْلِيَاءِ". وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: "لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ إلَّا الْأَبُ". وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: "لَا يُزَوِّجُ الْوَصِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيًّا". وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "لَا يُزَوِّجُ الصِّغَارَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَّا الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ, وَلَا وِلَايَةَ لِلْوَصِيِّ عَلَى الصَّغِيرَةِ".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَوَى جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: "مَنْ كَانَ فِي حِجْرِهِ تَرِكَةٌ1 لَهَا عَوَارٌ فَلْيَضُمَّهَا إلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ رَغْبَةً فَلْيُزَوِّجْهَا غَيْرَهُ". وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَالْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ فِي آخَرِينَ جَوَازُ تَزْوِيجِ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ الصَّغِيرَةَ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ مَا ذَكَرْنَا وَأَنَّهَا فِي الْيَتِيمَةِ فَتَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا وَلَا يُقْسِطُ لَهَا فِي صَدَاقِهَا, فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ أَوْ يَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَنِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ. وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا تَأْوِيلَ الْآيَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ جَوَازَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِمَا أَيْضًا, وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ السَّلَفِ مَنَعَ ذَلِكَ, وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى مَا تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ; لِأَنَّهُمَا ذَكَرَا أَنَّهَا فِي الْيَتِيمَةِ تَكُونُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهَا فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا وَلَا يُقْسِطُ لَهَا فِي الصَّدَاقِ فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ أَوْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي الصَّدَاقِ وَأَقْرَبُ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِي تَكُونُ الْيَتِيمَةُ فِي حِجْرِهِ وَيَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُهَا هُوَ ابْنُ الْعَمِّ فَقَدْ تَضَمَّنَتْ الْآيَةُ جَوَازَ تَزْوِيجِ ابن العم اليتيمة التي في حجره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015