مِنْهَا الْمُعَاقَدَةُ بِالْحَلِفِ وَالتَّبَنِّي وَالْأُخُوَّةُ الَّتِي آخَى بَيْنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْهِجْرَةُ وَالزَّوْجِيَّةُ وَوَلَاءُ الْعَتَاقَةِ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ فَأَمَّا إيجَابُ الْمِيرَاثِ بِالْحَلِفِ وَالتَّبَنِّي وَالْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى بَيْنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا فَمَنْسُوخٌ مَعَ وُجُودِ الْعَصَبَاتِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ وَوَلَاءُ الْعَتَاقَةِ وَالْمُوَالَاةُ وَالزَّوْجِيَّةُ هِيَ أَسْبَابٌ ثَابِتَةٌ يُسْتَحَقُّ بِهَا الْمِيرَاثُ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَشْرُوطِ لِذَلِكَ وَأَمَّا النَّسَبُ الَّذِي يُسْتَحَقُّ بِهِ الْمِيرَاثُ فَيَنْقَسِمُ إلَى أَنْحَاءٍ ثَلَاثَةٍ ذَوُو السِّهَامِ وَالْعَصَبَاتُ وَذَوُو الْأَرْحَامِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ فَأَمَّا الْآيَاتُ الْمُوجِبَةُ لِمِيرَاثِ ذَوِي الْأَنْسَابِ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ وَالْعَصَبَاتِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وقَوْله تَعَالَى وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ نُسِخَ بِهِمَا فِي رِوَايَةٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي تَوْرِيثِ الرِّجَالِ الْمُقَاتِلَةِ دُونَ الذُّكُورِ الصِّغَارِ وَالْإِنَاثِ وقَوْله تَعَالَى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ فِيهِ بَيَانٌ لِلنَّصِيبِ الْمَفْرُوضِ فِي قَوْله تَعَالَى لِلرِّجالِ نَصِيبٌ- إلى قوله تعالى- نَصِيباً مَفْرُوضاً وَالنَّصِيبُ الْمَفْرُوضُ هُوَ الَّذِي بَيَّنَ مِقْدَارَهُ فِي قوله تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَقَالَ قَدْ نَسَخَ هَذَا قَوْله تَعَالَى لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْوَلَدِ وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَنَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ فَجَعَلَ لِلْوَلَدِ الذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ السُّدُسَ مَعَ الْوَلَدِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ إذَا مَاتَ وَخَلَّفَ زَوْجَتَهُ اعْتَدَّتْ سَنَةً كَامِلَةً فِي بَيْتِهِ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ تَرِكَتِهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالرُّبُعِ أَوْ الثُّمُنِ وقَوْله تعالى وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ نُسِخَ بِهِ التَّوَارُث بِالْحَلِفِ وَبِالْهِجْرَةِ وَبِالتَّبَنِّي عَلَى النَّحْوِ الَّذِي بَيَّنَّا وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ هِيَ آيَةٌ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ وَهِيَ مُوجِبَةٌ لِنَسْخِ الْمِيرَاثِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ الَّتِي ذَكَرْنَا لِأَنَّهُ جعل الميراث للمسلمين فِيهَا فَلَا يَبْقَى لِأَهْلِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ شَيْءٌ
وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِسُقُوطِ حُقُوقِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَقِيلٍ عن جابر