بِالدَّيْنِ فَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا لَهُ بِهَلَاكِهِ وَيَدُلُّ عليه أنا لم نجد في الوصول حَبْسًا لِمِلْكِ الْغَيْرِ لِحَقٍّ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي لَمَّا كَانَ مَحْبُوسًا بِالثَّمَنِ وَكَذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ يَكُونُ مَحْبُوسًا فِي يَدِ مُسْتَأْجِرِهِ مَضْمُونًا بِالْمَنَافِعِ اسْتَعْمَلَهُ أَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَيَلْزَمُهُ بِحَبْسِهِ ضَمَانُ الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ بَدَلُ الْمَنَافِعِ فَثَبَتَ أَنَّ حَبْسَ مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَخْلُو مِنْ تَعَلُّقِ ضَمَانٍ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ لِكَوْنِهِ أَمَانَةً
بِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَوَصَلَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا يُوَصِّلُهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ وَقَوْلُهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ مِنْ كَلَامِ سَعِيدِ ابن الْمُسَيِّبِ كَمَا
رَوَى مَالِكٌ وَيُونُسَ وَابْنُ أَبِي ذُؤَيْبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ
قَالَ يُونُسَ بْنُ زَيْدٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ الرَّهْنُ لِمَنْ رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ فَأَخْبَرَ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ لَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا قَالَ وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ ذلك بل كان يغرمه إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَوْجَبَ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ زِيَادَتَهُ وَجَعَلَ عَلَيْهِ نُقْصَانَهُ وَالدَّيْنُ بِحَالِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَأَمَّا
قَوْلُهُ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ
فَإِنَّ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وطاوسا ذكرا جميعا أنهم كانوا يَرْهَنُونَ وَيَقُولُونَ إنْ جِئْتُك بِالْمَالِ إلَى وَقْتِ كَذَا وَإِلَّا فَهُوَ لَك
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ
وَتَأَوَّلَهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَالِكٌ وَسُفْيَانُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَا يَجُوزُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يُقَالَ لِلرَّهْنِ إذَا ضَاعَ قَدْ غَلِقَ الرَّهْنُ إنَّمَا يُقَالَ غَلِقَ إذَا اسْتَحَقَّهُ الْمُرْتَهِنُ فَذَهَبَ بِهِ وَهَذَا كَانَ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبْطَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِقَوْلِهِ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ إنَّهُمْ يَقُولُونَ غَلِقَ الرَّهْنُ إذَا ذَهَبَ بِغَيْرِ شَيْءٍ قَالَ زُهَيْرٌ:
وَفَارَقْتُك بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ ... يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى رَهْنُهَا غَلَقَا
يَعْنِي ذهبت بقلبه شَيْءٍ وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
فَهَلْ يَمْنَعُنِي ارْتِيَادُ البلا ... دمن حَذَرِ الْمَوْتِ أَنْ يَأْتِينِ
عَلَيَّ رَقِيبٌ لَهُ حَافِظٌ ... فَقَلَّ فِي امْرِئٍ غَلْقُ مُرْتَهَنِ
فَقَالَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي فَقَلَّ فِي امْرِئٍ غَلْقُ مُرْتَهِنِ يَعْنِي أَنَّهُ يَمُوتُ فَيَذْهَبُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كأن لم