مُقَارِبَةُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فِيهِ يُقَالُ أَلَمَّ بِالشَّيْءِ إلْمَامًا إذَا قَارَبَهُ وَقِيلَ إنَّ اللَّمَمَ الصَّغِيرُ مِنْ الذُّنُوب لِقَوْلِهِ تَعَالَى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ
وقَوْله تَعَالَى أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى هُوَ كَقَوْلِهِ وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ
وَكَقَوْلِهِ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها
وقَوْله تَعَالَى وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا مَا سَعى فِي مَعْنَى ذَلِكَ وَيُحْتَجُّ بِهِ فِي امْتِنَاعِ جَوَازِ تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ فِي إبْطَالِ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ
وقَوْله تَعَالَى وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى اسم للجنس اسْتَوْعَبَ الْجَمِيعَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يخلوا مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَأَنَّ الْخُنْثَى وَإِنْ اشْتَبَهَ عَلَيْنَا أَمْرُهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِهِمَا وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ إنَّمَا يَكُونُ مَا دَامَ صَغِيرًا فَإِذَا بَلَغَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ عَلَامَةُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ آخِرُ سُورَةِ النجم.
سورة القمر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْلِبُ الْعَادَاتِ بِمِثْلِهِ إلَّا لِيَجْعَلَهُ دَلَالَةٌ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى انْشِقَاقَ الْقَمَرِ عَشَرَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةُ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ فِي آخَرِينَ كرهت ذكر أسانيدها للإطالة فإن قيل معناها سَيَنْشَقُّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ انْشَقَّ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا خَفِيَ عَلَى أَهْلِ الْآفَاقِ قِيلَ لَهُ هَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّفْظِ وَحَقِيقَتِهِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَدْ تَوَاتَرَ الْخَبَرُ بِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ لَمَا خَفِيَ عَلَى أَهْلِ الْآفَاقِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَسْتُرَهُ اللَّهُ عَنْهُمْ بِغَيْمٍ أَوْ يَشْغَلَهُمْ عَنْ رُؤْيَتِهِ بِبَعْضِ الْأُمُورِ لِضَرْبٍ مِنْ التَّدْبِيرِ وَلِئَلَّا يَدَّعِيَهُ بَعْضُ الْمُتَنَبِّئِينَ فِي الْآفَاقِ لِنَفْسِهِ فَأَظْهَرَهُ لِلْحَاضِرَيْنِ عِنْدَ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُمْ واحتجاجه عليهم
قوله تعالى وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ الآية تدل عَلَى جَوَازِ الْمُهَايَأَةِ عَلَى الْمَاءِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا شِرْبَ الْمَاءِ يَوْمًا لِلنَّاقَةِ وَيَوْمًا لَهُمْ وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمُهَايَأَةَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمَّى ذَلِكَ قِسْمَةً وَإِنَّمَا هِيَ مُهَايَأَةٌ عَلَى الْمَاءِ لَا قِسْمَةُ الْأَصْلِ وَاحْتَجَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِذَلِكَ فِي جَوَازِ الْمُهَايَأَةِ عَلَى الْمَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهَذَا يَدُلُّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى