عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً
وَنَحْوُهَا مِنْ الْآيِ الَّتِي فِيهَا حِكَايَةُ سُجُودِ قَوْمٍ فَكَانَتْ مَوَاضِعُ السُّجُودِ وَقَوْلُهُ وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ يَقْتَضِي لُزُومَ فِعْلِهِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ فَلَوْ خَلَّيْنَا وَالظَّاهِرَ أَوْجَبْنَاهُ فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ فَمَتَى اخْتَلَفْنَا فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ فَإِنَّ الظَّاهِرَ يَقْتَضِي وُجُوبَ فِعْلِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى غَيْرِهِ وَأَجَازَ أَصْحَابُنَا الرُّكُوعَ عَنْ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ في تأويل قوله تعالى وَخَرَّ راكِعاً أَنَّ مَعْنَاهُ خَرَّ سَاجِدًا فَعَبَّرَ بِالرُّكُوعِ عَنْ السُّجُودِ فَجَازَ أَنْ يَنُوبَ عَنْهُ إذْ صَارَ عِبَارَةً عَنْهُ قَوْله تَعَالَى وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ رَوَى أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ الْعِلْمُ بِالْقَضَاءِ وَعَنْ شُرَيْحٍ قَالَ الشُّهُودُ وَالْإِيمَانُ وَعَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلْمَيَّ قَالَ فَصْلُ الْخِطَابِ قَالَ الْخُصُومُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْفَصْلُ بَيْنَ الْخُصُومِ بِالْحَقِّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ عَلَى الْحَاكِمِ إذَا خُوصِمَ إلَيْهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ إهْمَالُ الْحُكْمِ وَهُوَ يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ إنَّ الناكل عن اليمين يحبس حتى يقرأ ويحلف لِأَنَّ فِيهِ إهْمَالَ الْحُكْمِ وَتَرْكَ الْفَصْلِ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ زِيَادٍ أَنَّ فَصْلَ الْخِطَابِ (أَمَّا بَعْدُ) وَلَيْسَ زِيَادٌ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْأَقَاوِيلِ وَلَكِنَّهُ قَدْ رُوِيَ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ فَصْلٌ بَيْنَ الدُّعَاءِ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ وَبَيْنَ الْخِطَابِ الْمَقْصُودِ بِهِ الْكِتَابُ
قَوْله تَعَالَى يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عبيد القاسم بن سلام قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عن حميد بن سلمة عَنْ الْحَسَنِ قَالَ إنَّ اللَّهَ أَخَذَ عَلَى الحكام ثلاثا أن لا يتبعوا الهوى وأن يَخْشَوْهُ وَلَا يَخْشَوْا النَّاسَ وَأَنْ لَا يَشْتَرُوا بِآيَاتِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ثُمَّ قَرَأَ يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى الْآيَةَ وَقَرَأَ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا- إلى قوله- فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَرَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ لَمَّا اُسْتُقْضِيَ إيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَتَاهُ الْحَسَنُ فَبَكَى إيَاسُ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ مَا يَبْكِيك يَا أَبَا وَائِلَةَ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ الْقُضَاةَ ثَلَاثَةٌ اثْنَانِ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ رَجُلٌ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ مَالَ بِهِ الْهَوَى فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ اجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ الْحَسَنُ إنَّ فِيمَا قَصَّ اللَّهُ مِنْ نَبَأِ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ إِذْ يحكمان في الحرث إلى قوله وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً فأثنى على سليمان ولم يذم دواد ثم قال