يوم النساء ويوم الجفا ... ركانا عذابا وكان غَرَامَا
قَالَ لَنَا أَبُو عُمَرَ غُلَامُ ثَعْلَبٍ أَصْلُ الْغُرْمِ اللُّزُومُ فِي اللُّغَةِ وَذَكَرَ نَحْوًا مِمَّا قَدَّمْنَا وَيُسَمَّى الدَّيْنُ غُرْمًا وَمَغْرَمًا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي اللُّزُومَ وَالْمُطَالَبَةَ فَيُقَالُ لِلطَّالِبِ الْغَرِيمُ لِأَنَّ لَهُ اللُّزُومَ وَلِلْمَطْلُوبِ غَرِيمٌ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ عَلَيْهِ اللُّزُومُ وَعَلَى هَذَا
قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ لِصَاحِبِهِ غُنْمَهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ
يَعْنِي دَيْنَهُ الَّذِي هُوَ مَرْهُونٌ بِهِ وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْغُرْمَ الْهَلَاكُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا خَطَأٌ فِي اللُّغَةِ وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ غَرِيمٌ إلَّا مُفَارِقًا غَرِيمَهُ غَيْرَ جَهَنَّمَ فَإِنَّهَا لَا تُفَارِقُ غَرِيمَهَا
قوله تعالى قُرَّةَ أَعْيُنٍ قَالَ الْحَسَنُ قُرَّةُ الْأَعْيُنِ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ أَنْ يَرَى الْعَبْدُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَمِنْ أَخِيهِ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ وَاَللَّهِ مَا شَيْءٌ أَقَرُّ لِعَيْنِ الْمُسْلِمِ مِنْ أَنْ يَرَى وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَهُ أَوْ وَلَدَ وَلَدِهِ أَوْ أَخَاهُ أَوْ حَمِيمًا مُطِيعًا لِلَّهِ تَعَالَى وَعَنْ سَلَمَةَ بن كهيل أقربهم عَيْنًا أَنْ يُطِيعُوك
وَرَوَى أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي الزاهرية عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نَفِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رُزِقَ إيمَانًا وَحُسْنَ خُلُقٍ فَذَاكَ إمَامُ الْمُتَّقِينَ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً نَأْتَمُّ بِمَنْ قَبْلَنَا حَتَّى يَأْتَمَّ بِنَا مَنْ بعدنا
وقوله تعالى قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ قَالَ مُجَاهِدٌ مَا يَصْنَعُ بِكُمْ رَبِّي وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْكُمْ لَوْلَا دُعَاؤُهُ إيَّاكُمْ إلَى طَاعَتِهِ لِتَنْتَفِعُوا أَنْتُمْ بِذَلِكَ آخِرُ سُورَةِ الْفُرْقَانِ.
سورة الشعراء
بسم الله الرحمن الرحيم
قَوْله تَعَالَى وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ قَالَ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ فَالْيَهُودُ تُقِرُّ بِنُبُوَّتِهِ وَكَذَلِكَ النَّصَارَى وَأَكْثَرُ الْأُمَمِ وَقِيلَ اجْعَلْ مِنْ وَلَدِي مَنْ يَقُومُ بِالْحَقِّ وَيَدْعُو إلَيْهِ وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ وقَوْله تَعَالَى إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قِيلَ إنَّمَا سَأَلَ سَلَامَةَ الْقَلْبِ لِأَنَّهُ إذَا سَلِمَ الْقَلْبُ سَلِمَ سَائِرُ الْجَوَارِحِ مِنْ الْفَسَادِ إذْ الْفَسَادُ بِالْجَوَارِحِ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ قَصْدٍ فَاسِدٍ بِالْقَلْبِ فَإِنْ اجْتَمَعَ مَعَ ذَاكَ جَهْلٌ فَقَدْ عَدِمَ السَّلَامَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ
وَرَوَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إنِّي لَأَعْلَمُ مُضْغَةً إذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْبَدَنُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَّا وَهِيَ الْقَلْبُ
وقَوْله تَعَالَى وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ- إلى قوله- وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ أَخْبَرَ عَنْ الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ تَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ بِهَذِهِ اللُّغَةِ فَهَذَا مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فِي أَنَّ نقله