السُّؤَالَ إذَا أَلَحَّ فِيهِ وَمِنْهُ أَحْفَى الشَّارِبَ إذَا اسْتَأْصَلَهُ وَاسْتَقْصَى فِي أَخْذِهِ وَمِنْهُ الْحَفَا وهو أن يستحج قَدَمُهُ لِإِلْحَاحِ الْمَشْيِ بِغَيْرِ نَعْلٍ وَالْحَفِيُّ اللَّطِيفُ ببرك لإلحاحه بالبرلك وَحَفِيٌّ عَنْهَا بِمَعْنَى عَالِمٍ بِهَا لِإِلْحَاحِهِ بِطَلَبِ عِلْمِهَا وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ بِبَقَاءِ مُدَّةِ الدُّنْيَا وَيَسْتَدِلُّ بِمَا رُوِيَ أَنَّ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ وَأَنَّ الْبَاقِيَ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ مَبْعَثِ النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم خمس مائة لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ وَقْتُ قِيَامِ السَّاعَةِ مَعْلُومًا وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّه تَعَالَى أَنَّ عِلْمَهَا عِنْدَهُ وَأَنَّهُ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلَّا هُوَ وَأَنَّهَا تَأْتِي بَغْتَةً لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمْ عِلْمٌ بِهَا قَبْلَ كَوْنِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنَى الْبَغْتَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَخْبَارٌ فِي بَقَاءِ مُدَّةِ الدُّنْيَا وَلَيْسَ فِيهَا تَحْدِيدٌ لِلْوَقْتِ مِثْلُ
قَوْلِهِ بُعِثْت وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى
وَنَحْوُ
قَوْلِهِ فِيمَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ خُطْبَةً بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ قال إنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدُّنْيَا فِيمَا مَضَى إلَّا كَمَا بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ إلَى أَنْ تَغِيبَ
وَمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ مَضَى قَبْلَكُمْ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ
وَنَحْوُهَا مِنْ الْأَخْبَارِ لَيْسَ فِيهَا تَحْدِيدُ وَقْتِ قِيَامِ السَّاعَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ تَقْرِيبُ الْوَقْتِ وَقَدْ رُوِيَ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى فقد جاء أشراطها أن مبعث النبي صلّى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَقَالَ اللَّه تَعَالَى قُلْ إنما علمها عند ربى ثُمَّ قَالَ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ فإنه قيل أنه أراد فالأول عِلْمُ وَقْتِهَا وَبِالْآخِرِ عِلْمُ كُنْهِهَا
قَوْله تَعَالَى هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ منها زوجها قِيلَ فِيهِ جَعَلَ مِنْ كُلِّ نَفْسٍ زَوْجَهَا كَأَنَّهُ قَالَ جَعَلَ مِنْ النَّفْسِ زَوْجَهَا وَيُرِيدُ بِهِ الْجِنْسَ وَأَضْمَرَ ذَلِكَ وَقِيلَ مِنْ آدَمَ وحواء قوله تعالى لئن آتيتنا صالحا قَالَ الْحَسَنُ غُلَامًا سَوِيًّا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَشَرًا سَوِيًّا لِأَنَّهُمَا يُشْفِقَانِ أَنْ يَكُونَ بَهِيمَةً
وقَوْله تَعَالَى فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شركاء فيما آتاهما قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ الضَّمِيرُ فِي جَعَلَا عَائِدٌ إلَى النَّفْسِ وَزَوْجِهِ مِنْ وَلَدِ آدَمَ لَا إلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ وَقَالَ غَيْرُهُمَا رَاجِعٌ إلَى الولد الصالح بمعنى أنه كان معا فِي بَدَنِهِ وَذَلِكَ صَلَاحٌ فِي خَلْقِهِ لَا فِي دِينِهِ وَرَدَّ الضَّمِيرَ إلَى اثْنَيْنِ لِأَنَّ حَوَّاءَ كَانَتْ تَلِدُ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ ذَكَرًا وَأُنْثَى
قَوْله تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دون الله عباد أمثالكم فادعوهم عنى بالدعاء ال. ول تَسْمِيَتَهُمْ الْأَصْنَامَ آلِهَةً وَالدُّعَاءِ الثَّانِي طَلَبَ الْمَنَافِعِ وكشف المضار من جهتهم وذلك مأيوس منهم وقوله عباد أمثالكم قِيلَ إنَّمَا سَمَّاهَا عِبَادًا لِأَنَّهَا